فالصحيح من الرهن يتعلق به الضمان على ما نبيّنه [من بعد]، والفاسد يتعلق به الضمان كما يتعلق بالبيع الفاسد الضمان على ما يتعلق بصحته، والباطل لا يتعلق به الضمان كالبيع بالميتة والدم.
وإذا ثبت هذا، قلنا: الرهن بالبيع باطل؛ لأنه ليس في مقابلته حق مضمون بنفسه، ألا ترى أن المبيع إذا هلك سقط ضمانه، ولا يجوز أن يكون رهنًا بالثمن؛ لأن الثمن حق للبائع على المشتري، ولا يجوز [أن يعطي به رهنًا](١).
قال: فإن هلك الرهن في يد المشتري فالبيع على حاله؛ لأن الرهن لم يقع عليه عقد البيع، فهلاكه لا يؤثر فيه، ولو أعطى المؤاجر رهنًا بعيد الإجارة، فالرهن باطل؛ لأنه ليس بمضمون عليه، ألا ترى أنه إذا هلك انفسخت الإجارة، وأما الرهن بالأمانات والودائع والعواري فهو رهن باطل، لا يتعلق به ضمان؛ لأنه ليس في مقابلته حق مضمون، فصار كالبيع بالميتة لما لم يكن في مقابلته عوض.
وقد قالوا في قتل العمد: إذا صالح الولي على عبد أو ثوب بعينه ورهن بذلك خطأً رهنًا مقبوضًا جاز، وهذا على ما قدمنا أن البدل مضمون بنفسه، فإن كان القتل خطأً فصالحه من ذلك على عبدٍ أو ثوب أو شيء مما يكال أو يوزن بعينه ثم رهنه بذلك رهنًا مقبوضًا، لم يجز؛ لأن البدل هاهنا غير مضمون بنفسه، ألا ترى أنه مملوك بسبب يلحقه الفسخ، فإذا هلك انفسخ الصلح، فصار كالمبيع. والله أعلم.