للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مشروعة في الصلاة، فكذلك في الأذان، وأما إذا ترك ذلك لم يكره في الرواية المشهورة؛ لما روي أن النبي عرض عليه الوضوء فقال: "إني لا أريد صلاة" (١)، وهذا يقتضي جوازه (٢)؛ ولأن قراءة القرآن أفضل من الأذان، فإذا جاز ذلك [لقارئ القرآن] (٣) بغير وضوء، فجواز الأذان أولى.

وأما الإقامة فيكره ذلك فيها؛ لأن من حكمها أن يليها الدخول في الصلاة من غير فصل، فإذا كان على غير وضوء، فصل بين الإقامة والصلاة بالطهارة، فيكره لذلك لا لعدم الوضوء؛ ولأنه يدعو إلى خير لا يفعله، فدخل تحت قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٤٤].

وأما الجنابة فتكره فيهما، قال أبو يوسف عن أبي حنيفة: إن أذّن وأقام على غير وضوء أجزأه ولم يُعِد، ولو كان جنبًا فأحب إليّ أن يعيد، وإن لم يعد أجزأه.

والوجه في ذلك: أن الأذان والإقامة يفعلان في المسجد أو فيما هو في حكمه، والجنب لا يجوز له دخول المسجد؛ ولأنه ذِكْر يتقدم الصلاة كالخطبة؛ ولأنه يذكر الله فهو كقراءة القرآن، وأما قوله إنه يعيد؛ فلأن النقص بالجنابة نقص كثير، فيمنع من وقوع الأذان المأمور به، فإن لم يعد أجزأه؛ لأن الإعلام (٤) حصل.


(١) لم أجده بهذا اللفظ، وأخرج البخاري (١٣٩)، ومسلم ٢/ ٩٣٤ (٢٧٦)، حديث أسامة حين دفعه من عرفة ( … ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة، قال: "الصلاة أمامك"، فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ … ).
(٢) في ب (اختصاصه بها).
(٣) الزيادة من ب.
(٤) في ب (لأنه فعل الإعلام المقصود).

<<  <  ج: ص:  >  >>