والدليل على أن قسمة الدين لا تصح؛ لأن القسمة تمييز الحقوق، وذلك لا يتأتى فيما في الذمة.
ولأنهما لو اقتسما الأعيان من غير تمييز لا يصح، ألا ترى أن صُبْرَةَ طعام بين شريكين لو قال أحدهما للآخر: خذ هذا الجانب ولي هذا الجانب الآخر، لم تصح القسمة؛ لعدم التمييز، فكذلك القسمة فيما في الذمة؛ لأنه لم يتميّز.
ولأن القسمة فيها معنى التمليك؛ لأن كل واحد من المقتسمين يأخذ نصف حقه ويأخذ الباقي عوضًا عما في يد الآخر، وتمليك الدين لغير مَنْ في ذمته لا يجوز.
قال: ولو أخرج القابض ما قبض من يده، بأن وهبه أو قضاه من دين عليه، أو استهلك على وجهٍ من الوجوه، فللشريك أن يُضمّنه مثل نصف ما قبض، وليس له أن يأخذ من الذي هو في يده إذا كان موجودًا؛ لأن الشريك قبضه اقتضاء من حقه، فلشريكه فسخ قبضه على ما بيّنا، فإذا أخرجه من ملكه سقط الفسخ فيه، كالمقبوض على وجه بيع فاسد إذا خرج من ملك القابض، ويضمن مثل نصفه؛ لأنه استهلكه مع تعلق حق الغير به، فكان عليه ضمانه.
وما قبض الشريك من شريكه، فإنه يكون للقابض قدر ذلك دينًا على الغريم، ويكون ما على الغريم بينهما على قدر ذلك.
فإن كان الدين ألف درهم بينهما، فقبض أحدهما خمسمائة، فجاء الشريك وأخذ نصفها، يكون للقابض مما بقي على الغريم مائتان وخمسون، وتكون الشركة باقية في الدين كما كانت؛ لأنه لما قبض النصف قضى من حقه، فشاركه