للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد روي عن عطاء بن أبي رباح: فيمن نسي الإقامة أعاد الصلاة، وقال الأوزاعي: يعيد ما دام في الوقت، وقال مجاهد: فيمن نسي الإقامة في السفر أعاد، وروي مثل قولنا عن الحسن والنخعي، وقتادة والزهري، وهو قول عامة الفقهاء (١).

والأصل في ذلك: أن وجوب الأذان مما يعم البلوى به، فلا يجوز إثباته بخبر الواحد؛ ولأنه ذِكْر لا يجب في النافلة فلا يجب في الفريضة كالدعاء؛ ولأنه لا يجب في القضاء، فلم يكن واجبًا في المقضي كالتسبيح.

وأما الذي روي أن النبي قال لمالك بن الحويرث ولابن عم له: "إذا سافرتما فأذِّنا وأقيما" (٢)، فالمراد بذلك الاستحباب، ألا ترى أن الأذان لا يجب عليهما؛ ولأنه خبر واحد، فلا يجوز إثبات الواجب به.

وقد روى علي بن الجعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: في قوم صلوا في مصر في مسجد جماعة الظهر أو العصر بغير أذان ولا إقامة، أنهم أخطؤوا السنة وخالفوا وأثموا، وكذلك قال أبو يوسف، وإن [كانوا] أذّنوا ولم يقيموا فقد أساؤوا؛ وذلك لأن النبي أمر بالأذان للصلوات المفروضات، وداوم عليه، والمداومة إنما تكون على الواجبات أو السنن؛ ولأنه فعل الأمة بغير خلاف.


(١) "واتفقوا على أن الأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس والجمعة، ثم اختلفوا، فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هما سنتان، وقال أحمد: هما فرض كفاية على أهل الأمصار، وقال داود: هما واجبان، لكن تصح الصلاة مع تركهما". رحمة الأمة في اختلاف الأئمة ص ٦٧.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٠٥) وقال: "حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (٦٣٤)؛ وقال الزيلعي: "أخرجه الأئمة في كتبهم مختصرًا ومطولًا" ١/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>