للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما المسلم والمرتد فلا تجوز الشركة في قولهم. هكذا ذكر أبو الحسن، ورواه عيسى.

وقال محمد في الأصل: قياسُ قول أبي يوسف أن يجوز.

فأمّا على أصل أبي حنيفة؛ فلأن المرتد موقوف التصرف، وملكه موقوف فلم يساو المسلم في الملك ولا في التصرف، فلم تجز شركتهما.

وأما محمد فقال: كُفْرُ أحد الشريكين يمنع صحة المفاوضة كالذمي.

وأما أبو يوسف يُفرّق بين المُرتد والذمي؛ لأن مِلْكَ المرتد معرض للزوال، وتصرفه ناقص، ألا ترى أن حاكمًا لو حكم ببطلان تصرفه وزوال ملكه نفذ حكمه، وإذا انتقض ملكه وتصرّفه حل محل المكاتب.

وأمّا إذا شارك المسلم مرتدةً، فلا يجوز ذكره أبو الحسن، وهذا ظاهر على أصل أبي حنيفة ومحمد؛ لأن الكفر عندهما يمنع من انعقاد الشركة، كالكفر الأصلي.

فأما أبو يوسف، فالكفر عنده لا يمنع، وإنما لم يجز في المرتد لنُقصان ملكه وتصرفه، وهذا لا يُوجد في المرتدة؛ لأنها لا تقتل، فكان الواجب أن تجوز الشركة.

ويجوز أن يقال: إن الردة تمنع صحّة المفاوضة، كالرجل.

وأما إذا تفاوض الذمّيان، جازت مفاوضتهما وإن اختلف دينهما؛ لأنهما يتساويان في تمام الملك والتصرف، وتصح كفالتهما كالمسلمين، واختلافهما الدين غير مؤثر؛ لأنه لا يوجب اختلاف التصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>