للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فوّض إلى الآخر التصرف على كل حال، وقيل إنها مشتقة من المساواة، ومنه قول الشاعر:

لا يصلُحُ الناسُ فَوضى ولا سَرَاةَ لهم … ولا سَرَاةَ إِذا جُهَّالُهم سادُوا (١)

فلما كانت المفاوضة تقتضي التساوي في المال والتصرف والضمان؛ سميت بذلك (٢).

وقد قال أصحابنا: إنها عقد جائز، وقال مالك: لا أعرفها (٣)، وقال الشافعي: عقد فاسد.

فأما قول مالك: لا أعرفها؛ فإن كان لا يعرف الاسم فقد بيّنا اشتقاقه في اللغة، وإن كان لا يعرف الحكم فالدليل على جوازه قوله : "تفاوضوا فإنه أعظم للبركة" (٤)، ولأن المفاوضة تشتمل على الوكالة والكَفَالة، وكل واحد منهما يجوز على الانفراد فإذا اشتملت عليها الشركة جازت، ألا ترى أن الوكالة لما جازت على الانفراد واشتملت العِنَان عليها جاز،


(١) البيت لأفوه الأودي، كما في الشعر والشعراء لابن قتيبة ١/ ٢٢٣.
(٢) المفاوضة لغة: المساواة والانتشار، وشرعًا: هي ما تَضَمَّنت وكالة وكفالة، وتساويا مالًا وتصرفًا ودينًا". انظر: المصباح: التعريفات (شرك)؛ المبسوط ١١/ ١٥٢.
(٣) قال ابن جزي: "أجاز مالك شركة العنان والمفاوضة"، والظاهر أن الخلاف في صورة المفاوضة: فأبو حنيفة جعل المفاوضة في جميع ما يملكانه من ذهب وفضة، ولا يصح زيادة مال أحدهما في المفاوضة، ويرى مالك بجواز الزيادة في مال أحدهما دون صاحبه. انظر: مختصر المزني ١٠٩؛ المهذب ٣/ ٣٣٦، قوانين الأحكام الشرعية ص ٣١٠، ٣١١؛ رحمة الأمة ص ١٣٢؛ مختصر القدوري ص ٢٤٦.
(٤) قال ابن حجر: حديث فاوضوا … لم أجده، وروى ابن ماجه من حديث صهيب رفعه: (ثلاث فيهن البركة، البيع إلى أجل، والمفاوضة … ) ". الدراية، ٢/ ١٤٤. انظر: نصب الراية، ٣/ ٤٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>