قالوا: متى كانت اليمين مطلقة اعتبر فيها الصفة المعتادة ولم يعتبر بقاء الاسم، فربّما عبّر عن هذه الجملة بأن الصفة في العين لغو وفي الغائب شرط، [والاسم شرط] فيهما.
وإنما قلنا: إن اليمين في العين تبقى ببقاء الاسم؛ لأنه عقد يمينه على العين المسماة وتغير الصفات لا يؤثر فيها ولا في المقصود بها، فعلى أي وجه وجد الفعل حنث.
فأما الحيوان: فالغرض من قوله لا أكلم هذا الشاب الاستخفاف به، وذلك يختص بكونه شابًّا، وكذلك المقصود من قوله لا آكل هذا الحَمَل الامتناعُ من لحمه، وهذا المعنى موجود وإن صار كَبشًا، يبين هذا أنه لو قال: والله لا أكلم صاحب هذا الطيلسان، فباعه ثم كلمه حنث؛ لأن امتناعه من كلامه لا يجوز أن يكون لملكه الطَّيْلَسَان، فلم يبق إلا أن يكون حلف على العين وعرفها بالإضافة.
فأما اليمين المطلقة فيعتبر فيها الصفة؛ لأنه ليس هناك عين مشار (١) إليها، فصارت الصفة هي المقصودة، فكانت شرطًا في اليمين.
قال أبو يوسف في الفصول المتقدمة: إن نوى ما يكون من ذلك حنث؛ لأنه شدد على نفسه.
قال: ولو حلف لا يأكل من لحم هذا الجَدْي، فأكل من لحمه بعد أن صار تَيْسًا، أو حلف [أن] لا يجامع هذه الصبية فجامعها بعد ما صارت امرأة، فإنه يحنث.
قال أبو يوسف: ولا يشبه الحيوان ما ذكرنا؛ لأن هذا هو ذاك بعينه،