لأن الحَبَل هو ابتداء العلوق، فأما الضرب والأكل فهو على الحادث، فكل شيء أكله بعد يمينه أو ضربه بعد يمينه فهو حانث؛ لأن الضرب ذو أجزاء كل جزء منه ابتداء، فأما اللبس فهو مثل الركوب؛ لأن البقاء عليه يسمى لبسًا. يوضح ذلك أنه يقول: لبست يومًا وركبت يومًا، ولا يقول دخلت الدار يومًا.
وقال في الأصل: إذا قال لامرأته: أنت طالق ما لم تحيضي أو ما لم تحبلي وهي حبلى أو حائض في حال الحلف، فهي طالق حين سكت إلا أن يكون ذلك منها حين سكت؛ لأنه جعل حدوث الحيض والحبل شرط البر، فما لم يوجد عقيب اليمين حنث، فإن كان يعني ما هي فيه من الحيض، دُيِّنَ فيما بينه وبين الله تعالى؛ لما بينا أن الحيض ذو أجزاء فصح أن يسمي ما يحدث من أجزائه باسم الابتداء، فأما في الحبل فلا يصدق، لأنه ليس بمعنى ذي أجزاء، وإنما هو معنى واحد، ألا ترى أنّ ما يتزايد من الحيض حيض، والحَبَل ليس بمعنى يتزايد، فلا يصدق فيما بينه وبين الله تعالى ولا في القضاء.