للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما محمد: فعنده أن الاستثناء لرفع الكلام، بدلالة أنه لا يتوصل إلى العلم بهذه المشيئة، فلا يجوز أن يقصد بها الشرط، وإنما يذكر لرفع الكلام، فلا يختص بإحدى الجملتين دون الأخرى؛ لأنها كلام واحد.

وأما إذا لم يعطف إحدى الجملتين على الأخرى، فقال: زينب طالق إن دخلت الدار، وعَمرة طالق إن كلمت فلانًا، فإن الاستثناء يختص بالجملة الأخيرة؛ لأنه لما لم يعطف إحدى الجملتين على الأخرى لم يتعلق بها، (وصار كل واحد من الجملتين لم يتعلق بها) (١) وصار كل واحدة من الجملتين منفردة بنفسها، وكذلك إن فصل بين الجملتين بسكوت وجاء بحرف العطف؛ لأن السكوت يفصل أحد الكلامين من الآخر، فلا يعود الاستثناء إلى الأول، وقد قالوا في الإيقاعين أن الاستثناء يعود إليهما في القضاء، وأما الجملتان إذا عطف إحداهما على الأخرى ولم يفصل بينهما بسكوت وجاء بحرف العطف، فإن الاستثناء عند أبي يوسف يرجع إلى الأولى فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه كلام واحد.

وإذا فصل بين الجملتين بسكوت لم يصدق فيما بينه وبين الله تعالى أنه رَدَّ الاستثناء إلى الكلام [الأول؛ لأن الكلام الثاني] منقطع فينقطع عنه، والاستثناء المنقطع لا يتعلق به حكم، وهذا الذي ذكرناه هو المشهور.

وقد روى بشر عن أبي يوسف: أن الجملة إذا عطف عليها الإيقاع فقال: عَمْرة طالق إن دخلت الدار وزينب طالق، كانت يمينًا واحدة، فإن دخلت الدار طلقنا جميعًا والاستثناء عليهما؛ وذلك لأنه يحتمل أن يكون طلق زينب في الحال، ويحتمل أن يكون علق طلاقها بالشرط، [فلم] (٢) يقع في الحال بالشرط


(١) ساقطة من أ.
(٢) الزيادة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>