للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصفات الفعل، ويعرف الفرق بينهما: بأن كل ما يوصف به الله تعالى] (١) ولم يجز أن يوصف بضده: فهو من صفات ذاته كالعلم والقدرة، وما جاز أن يوصف به وبضده فهو من صفات فعله كرحمته وغضبه، فما كان من صفات الذات إذا حلف به انعقدت يمينه، إلا في قوله: وعلم الله، فإنه لا يكون حالِفًا استحسانًا؛ وذلك لأن صفات الذات لما لم يكن مَعْنِيٌّ غيره تعالى صار ذكرها كذكره، فإذا قال: وقدرة الله، فكأنه قال: واللهِ القادر، فأما القياس في العلم فكذلك؛ لأنه من صفات ذاته، وإنما استحسن لأن العادة أن العلم يذكر ويراد به المعلوم، [يقال]: اللهم اغفر لنا علمك فينا، والمراد [به] معلومك، ومعلومُ الله تعالى غيره، فلا يكون بها حالفًا، وأما إن أراد الحالف العلم الذي هو صفة [الذات] انعقدت به يمينه.

فإن قيل: فهلا قال أبو حنيفة مثل ذلك في القدرة؛ لأنهم يقولون للشيء المستعظم: هذا قدرة الله، فانظر إلى قدرته، والله في هذا قدرة.

والجواب: أن المراد بهذا اللفظ أثر قدرة الله، وإنما حذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه، ألا ترى أن القدرة لا تشاهد، ولأنه لا يخلو: [إما] أن يكون المراد بالمقدورِ الموجود أو المعدوم، ولا يجوز أن يكون [المراد به] (٢) الموجود؛ لأنه خرج من أن يكون مقدورًا له تعالى، ولا يجوز أن يريد المعدوم؛ لأن ذلك لا يحلف به، فلم يبق إلا أن يريد القدرة التي هي الصفة، وليس كذلك العِلْم؛ لأنهم يريدون المعلوم الموجود، ووجوده لا يخرجه من أن يكون معلومًا له تعالى، فلذلك افترقا.


(١) ما بين المعقوفتين ساقطة من ب، والمثبت من أ.
(٢) الزيادة من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>