للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بما له، فكان إيجاب نفقته فيه أولى من إيجابها في مال غيره؛ ولأنا لو قضينا للغني لم يكن ذلك بأولى من القضاء للمقضي عليه على المقضي له، فأما الزوجة فإنها تستحق النفقة مع الغنى خاصة؛ لأن نفقتها تستحق بحكم عقد كالإبراء (١)، فيجوز أن تجب مع اليسار، فإذا حصل الفقر في ذوي الأرحام قضي لصغارهم بالنفقة؛ لأنَّه لا مال لهم ولا كسب، فوجب صلة أرحامهم بكفايتهم.

وكذلك الإناث؛ لأن المرأة لا تقدر على الكسب فهي كالصَّبِيِّ، وكذلك الكبار الزمنى، والعميان، والمجانين؛ لأنهم لا يقدرون على الكسب.

فأما الكبار الأصحاء فلا يقضى لهم بنفقة على غيرهم إذا كانوا فقراء إلا الأبوين خاصة والجد والجدة مع عدمهما؛ وذلك لأن الرجل الصحيح قادر على التكسب، فصار غناه بكسبه كغناه بماله، فلا تجب نفقته على غيره.

فأما الأبوان فيقضى على ولدهما بنفقتهما مع الصحة؛ لأن تعريضهما للكسب مع غنى الولد إلحاق مشقة بهما، والولد ممنوع من ذلك؛ ولأن مال الولد في حكم كسب الأب، فصار كمالِ نفسه.

قال أبو يوسف: إذا كان الابن فقيرًا والأب زَمِنًا، فإن الأب يشارك الابن في القوت بالمعروف؛ وذلك لأن كسب الابن مضاف إلى الأب بأنه كسبه فيثبت حقه فيه؛ ولأنه لا يخشى التلف بمشاركة [الابن] (٢)، ولو لم يشاركه خشي على الأب فكانت المشاركة أولى، ولا يشارك الأب الموسر في نفقة ولده أحد؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦] فألزم الأب أجرة


(١) في أ (كالإبدال).
(٢) في ب (الأب) والمثبت من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>