للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اليسار، فكل دين هو بدل عن مال حصل في يده فصار به غنيًا كأثمان المبيعات وبدل القرض، أو كان مالًا [التزمه] (١) بعقد كالكفالة والمهر، [فلا يصدق في ذلك الإعسار؛ وذلك لأن ما كان بدلًا عن مال حصل في يده، فقد عرفناه]، فدعواه الفقر دعوى زوال ما في يده، وذلك معنى حادث فلا يصدق، وما التزمه بعقد إذا ادعى الإعسار يريد إسقاط ما التزمه فلا يقبل قوله، [وما سوى ذلك] (٢) فالقول قوله في الإعسار؛ لأن الأصل الفقر؛ بدلالة قوله : "كل مولود يولد أحمر لا قشرة عليه ثم يرزقه الله تعالى من فضله" (٣)، وإذا كان الأصل الفقر، فمن ادّعى الغنى يدعي معنى حادثًا فلا تقبل دعواه إلا ببينة، وإذا جعلنا القول قوله لم يحبسه الحاكم؛ لأن الحبس عقوبة فيستحقها الممتنع من الحق مع القدرة، فأما مع عدمها فلا يستحقها، وإذا حبسه الحاكم شهرين أو ثلاثة سأل عن أمره، فإن لم يظهر له مال أفرج عنه، وقد اختلفت الرواية في ذلك، فقالوا: يحبس شهرين، وقالوا: ثلاثة، وذكر الحسن: أربعة، وهذا ليس بخلاف؛ لأن المعتبر أن تمضي مدة يعلم من حاله أنه لو كان له مال لأظهره لضجره بالحبس، وذلك يختلف باختلاف الناس، فمنهم من يضجر بقليل المدة، ومنهم [اللحِز] (٤) الذي لا يضجر بكثير المدة، فكان على الحاكم أن يقدر الحبس بما يغلب في ظنه من حال الرجل، فإذا مضت المدة وقامت البينة بالإعسار، أو سأل الحاكم عنه، فبان إعساره لم يجز حبسه؛ لأنه غير قادر على أداء الدين، فلم يجز أن يعاقب على الامتناع، إلا أن القاضي لا يخرجه إلا بحضرة غريمه؛ أو وكيل غريمه؛ لأن


(١) في ب (ألزمه) والمثبت من أ.
(٢) في ب (وما سواه) والمثبت من أ.
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات، ٦/ ٣٣.
(٤) في ب (اللحف) والمثبت من أ، "واللحِزُ: البخيل الضيق الخلق" كما في الصحاح (لحز).

<<  <  ج: ص:  >  >>