للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشافعي: تقبل فيه شهادة أربع نسوة (١)، وقد روى محمد عن عكرمة بن خالد المخزومي عن عمر أنه قال: لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين.

وروي أن رجلا تزوج امرأة، فجاءت امرأة فزعمت أنها أرضعتهما، فسأل الرجل عليًا فقال: هي امرأتك ليس أحد يحرمها عليك، فإن تنزهت فهو أفضل، وسأل ابن عباس فقال مثل ذلك (٢).

والوجه فيه: أن الرضاع معنى يجوز للرجال الاطلاع عليه، ألا ترى أن محارمها ينظرون إليها، وما جاز للرجل الاطلاع عليه لم يجز الاقتصار فيه على شهادة النساء كالأموال، (ولأن ثدي الأمَة يجوز للأجانب الاطلاع عليه، فلا يقتصر ما يتعلق به على شهادة النساء) (٣) كوجهها.

وأما ما روى عقبة بن الحارث قال: تزوجت أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت سوداء فقالت: إني أرضعتكما، فذكرت ذلك لرسول الله فأعرض، ثم ذكرته فأعرض، حتى قال في الثالثة أو الرابعة، "فدعها إذًا"، وروي أنه قال: "فارقها"، فقلت: يا رسول الله إنها سوداء، قال: "كيف وقد قيل" (٤). فلا دلالة فيه؛ لأن رسول الله إنما كره ذلك على طريق التنزه والأولى، ألا ترى أنه أعرض عنه أولًا وثانيًا، ولو وجب التفريق لم يعرض، ثم قال: "فارقها"، وهذا يدل على بقاء النكاح، وقد روى محمد هذا الحديث، وبهذا نأخذ إذا كانت المرأة ثقة عنده، فالأولى [له] أن يتنزه ويمتنع، فلا يجب ذلك عليه.


(١) وقال محمد: "لا تصدق عليهما". الأصل ١٠/ ٢٨٣؛ انظر: البدائع، ٤/ ١٤؛ الأم ٥/ ٣٤.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة، ٣/ ٤٩٨.
(٣) ما بين القوسين ساقطة من أ.
(٤) أخرجه بلفظه الطبراني في الكبير، ١٧/ ٣٥٣؛ وأصله في البخاري (١٩٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>