والمجنون وقد بيناه، قال: وإذا أسقط من هذا الوجه فلا حَد ولا لعانَ؛ وذلك لأن قذف المجنون والصبي ليس بقذف صحيح، فلا يثبت له موجب.
وقد قال أصحابنا: إن اللعان إذا سقط بمعنى من جهة الزوج، وجب عليه الحَد كما لو أكذب نفسه، وهذا إذا كان القذف [قذفًا] صحيحًا، وإن سقط اللعان بمعنى من جهة المرأة، لم يجب على الزوج حدّ ولا لعان مثل أن تصدقه، وإن سقط بمعنى من طريق الحكم لم يجب حدّ ولا لعان مثل أن يطلقها ثلاثًا، وقد ذكر أبو الحسن تفسير ما بيناه من الجمل، وإذا اعتبرت ما ذكرناه جري عليها، فإذا كانت المرأة حرة عفيفة والزوج كافرًا أو عبدًا أو محدودًا في قذف فعليه الحد؛ لأن قذفه قذف صحيح، وقد سقط اللعان بمعنى من جهته: وهو أنه على صفة لا يصحُّ منه اللعان، ومتى كان الزوجُ ممن لا يصح قذفه مثل الصبي والمجنون، والزوجةُ ممن [لا] يجب الحدّ على قاذفها، فلا حدّ ولا لعان؛ لأن قذفه لم يصح، والحكم إنما يتعلق بعد صحة القذف، وإن كان الزوج حرًا مسلمًا عاقلًا غير محدود في قذف، والزوجة كافرة، أو أمة، أو صغيرة، أو مجنونة، أو زانية، فلا حد على الزوج ولا لعان؛ لأن قذفها ليس بقذف صحيح، ألا ترى أن أجنبيًا لو قذفها لم يحدّ، وأما إذا كانت حرة مسلمة عفيفة إلا أنها محدودة في قذف، فلا حدّ ولا لعان؛ وذلك لأن القذف قذف صحيح وإنما سقط اللعان بمعنى من جهتها، وهو أنها ليست من أهل الشهادة، فلا يجب اللعان ولا الحدّ كما لو صدقته، وأما إذا كان كل واحد من الزوجين محدودًا في قذف، فقذفها فعليه الحدّ؛ وذلك لأن اللعان سقط لمعنى في الزوج، ولا يقال إنه سقط لمعنى في المرأة، ألا ترى أن الزوج لو كان غير محدود لم يلاعن؛ لأن القذف الصحيح إنما يؤثر في حكمه صفات المرأة إذا كان الزوج من أهل اللعان، فإذا لم يكن