للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فإن ادعت كل واحدة منهن أنها هي المطلقة ولا بينة لها، وجحد الزوج، فعليه اليمين لكل واحدة منهن؛ وذلك لأن الطلاق يصح بذله ويصح الإقرار به فيستحلف فيه، فإن أبى أن يحلف فرّق بينه وبينهن؛ لأنه بذل الطلاق لكل واحدة منهن، وإن حلف لهن فلا بد أن يبين؛ لأن الطلاق لا يرتفع باليمين فيبقى على ما كان عليه.

قال ابن سماعة: سمعت محمدًا قال في رجل له امرأتان طلق واحدة منهما بعينها وقال: لا أدري أيتهما هي، فادعت كل واحدة [منهما] أنها هي المطلقة فإني أحلفه لكل واحدة منهما، فإن حلف للأولى طلقت التي لم يحلف لها؛ لأنه لما حلف للأولى سقطت [خصومتها] (١) في الطلاق فتعين في الأخرى من طريق الحكم، وإن لم يحلف للأولى طلقت؛ لأنه بذل الطلاق لها وهو مما يصح بذله.

فإن تشاحتا على اليمين حلّفتُه لهما جميعًا بالله ما طلق واحدة منهما؛ لأن لهما المشاحة في الابتداء لجواز أن ينكل للأولى وقد تساويا في الدعوى، ويمكن إيفاء حقهما معًا (٢)، فإن حلف لهما حجبتهُ عنهما حتى يُبيّن؛ وذلك لأن الطلاق لا يرتفع باليمين فإحداهما محرمة، ولا يمكن منهما إلا أن يبين، فإن وطئ إحداهما فالتي لم يطأها مطلقة؛ وذلك لأن فعله محمول على الصحة، وأنه لم يطأها، وطأً حرامًا.

قال: وينبغي له فيما بينه وبين الله تعالى أن يطلق كل واحدة منهن ويتركهن حتى يبين؛ لأن الوطء لا يجوز فيه التحري على ما بيناه، ولا يجوز له إمساكهن


(١) في ب (متهمًا) والمثبت من أ.
(٢) في أ (جميعًا).

<<  <  ج: ص:  >  >>