للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلبها غير ذلك وقع الطلاق عند أبي حنيفة وأبي يوسف؛ لأن ما في قلبها لمّا لم يتوصل إلى معرفته إلا بإظهارها صار كأنه قال: إن قلت إني أحبك بقلبي.

وقال محمد: لا يقع، لأنه جعل الشرط ما في قلبها، وفي قلبها خلاف ما أظهرت، وكذلك جعل [شرط الطلاق] محبتها [للنار]، ونحن نعلم أنها كاذبة في قولها: (أنا أحب النار)، وأما قوله: (أنه يقع رجعيًا) فلأنه صريح الطلاق، وصريح الطلاق رجعي وليس كذلك الخيار؛ لأنه ليس بصريح ولا في معناه، [فلذلك] (١) كان بائنًا، وإن قال لها: طلقي نفسك إن شئت، فقالت: قد شئت، لم يقع عليها شيء؛ لأنه أمرها أن توقع الطلاق فلم توقع.

وفي الفصل الأول علق الطلاق بمشيئتها، فإذا وُجد الشرط وقع، قال: فإن قال: طلقي نفسك، فهو على المجلس؛ لأن المرأة لا تكون وكيلة في حق نفسها، فكانت مملكة والتمليك على المجلس، وليس كذلك إذا قال لأجنبي: طلقها؛ لأنه يجوز أن يكون وكيلًا في طلاقها، [والتوكيل] (٢) لا يقف على المجلس.

قال: فإن أراد بقوله: طلقي نفسك ثلاثًا، فقد صار في يدها الثلاث لأن هذا أمر، والأمر وإن لم يتضمن العدد بإطلاقه فهو يحتمله، ألا ترى أن في أوامر الله تعالى ما يتضمن العدد.

قال: فإن طلقت نفسها ثلاثًا أو اثنتين أو واحدة وقع؛ لأنه ملّكها ثلاث تطليقات، فصارت كالزوج المالك لها، فيجوز أن توقعها ويجوز أن توقع بعضها.


(١) في النسختين (فكذلك) والمثبت يدل عليه السياق.
(٢) في ب (والوكيل) والمثبت من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>