للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النكاح عليها بالسكوت، ولا يجوز عليها إلا كما يجوز على الثيب بقول أو فعل.

أما وقوف العقد عليها؛ فَلِمَا بَيَّنَّا أن الولي لا يملك إجبارها على العقد، فلا بد من اعتبار الرضا منها، فإن كانت ثيبًا فَرِضاها بالقول أو بالفعل الذي يدل على الرضا، وذلك لقوله : "والثيب تشاور" (١). ولأن رضاها لما اعتبر في العقد صار كالرضا في عقد البيع، فلا يقع بالسكوت.

وأما الفعل الذي يدل على الرضا: فتمكينها من نفسها أو المطالبة بمهرها أو نفقتها؛ لأن هذا لا يكون إلا مع جواز العقد. ومَنْ خيِّر بين إجازة العقد وإبطاله إذا فعل ما يدل على الإجازة قام مقام قوله "قد رضيت"؛ لقوله لبريرة: "إن وطأك زوجك فلا خيار لك" (٢).

وأما البكر إذا زَوَّجها الولي فسكتت: فالقياس أن لا يكون رضا؛ لأن الساكت قد يكون راضيًا، [وقد] يكون ساخطًا، فلا يجوز إثبات الرضا بالشك، وإنما تركوا القياس لقوله لما قيل له إنها تستحي، فقال: "إذنها صماتها، وسكوتها إقرارها" (٣). وأما إذا زَوّجها غير الولي أو وليٌّ وهناك أقرب منه فلا تكون إجازتها إلا بالقول أو الفعل الدال على الرضا؛ لأن عقده يجوز من حيث الوكالة لا الولاية، والوكالة لا تكون إلا بالكلام؛ ولأنها إنما تستحي من أوليائها ولا تستحي من الأجانب، فصارت في حكمهم كالثيب.


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند، ٢/ ٢٢٩.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، ٣/ ٥٠٦.
(٣) الجزء الأول من الحديث أخرجه البخاري (٦٥٦٩)؛ وفي رواية لمسلم بزيادة (وربما قال: وصمتها إقرارها) (١٤٢١)؛ وأورده ابن عبد البر في التمهيد، ١٩/ ٩٨؛ والنووي في شرح مسلم، ٩/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>