للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنا: أن الله تعالى حَرَّم الدم المسفوح، فما ليس بمسفوح على أصل الإباحة؛ ولأنها لا تتجنب في الثياب وإن كثرت، ولا يستحب إزالتها، والنجاسة إذا عفي عنها استحب إزالتها كسائر النجاسات.

وأما دم الحَلَم (١) والوَزَغ فهو نجس؛ لأنه دم سائل وقد حرم الله تعالى الدم المسفوح.

فأما دم السمك فهو طاهر في قول أبي حنيفة ومحمد.

وقال أبو يوسف: هو نجس، وبه قال الشافعي.

قال أبو حنيفة: إنما حرم الله تعالى الدم المسفوح، ودم السمك ليس بمسفوح (٢).

وجه قولهما: أنه أبيح أكله بدمه، فصار دمه كسائر أجزائه؛ ولأنه لو كان نجسًا لما جاز استباحته إلا بعد سفحه، كحيوان البر، وقد قيل: إنه ليس بدم، وإنما هو ماء متلون، بدليل أنه يبيضّ بالشمس، والدماء تسْوَدّ بالشمس.

وجه قول أبي يوسف: قوله : "أحلت لنا ميتتان ودمان: السمك، والجراد، والكبد، والطحال" (٣) فخص الإباحة بدمين، فلا يثبت دمٌ ثالثٌ؛ ولأنه دم سائل كسائر الدماء.


(١) "الحلم: جمع الحَلَمة: وهي القُراد العظيم" "مختار الصحاح" (حَلَم).
والوزغَ جمع الوزغة: سامّ أبرص. انظر: "المعجم الوجيز" (وزغ).
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ١٢٩؛ الأصل ١/ ٧١؛ المزني ص ٨؛ وقال مالك: يغسل دم السمك. كما في المدونة ١/ ٢١.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٣٢١٨)، وأحمد في المسند ٢/ ٩٧، كلاهما من حديث ابن عمر مرفوعًا، وانظر الكلام عليه في نصب الراية ٤/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>