للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه وجهان:

لنا: قوله تعالى: ﴿وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] فأجاز النبي عقد النكاح بلفظ الهبة، وكل لفظ جاز للنبي أن يعقد به النكاح جاز لغيره أن يعقد به كلفظ التزويج، ولا يعترض على هذا قوله تعالى: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾؛ لأن الخلوص لا يجوز أن ينصرف إلى اللفظ؛ لأن النبي لم يضف إليه بلفظ الهبة، وإنما أضاف إليه الاستنكاح، ولو كان الخلوص لأجل اللفظ لقال: خالصة لها من دون المؤمنين، وإنما أراد بالخلوص جواز النكاح له بغير بدل.

الدليل عليه ثلاثة أشياء: أحدها: أنه ابتدأ الآية بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٠]، ثم ذكر الموهوبة بغير أجر، فدل على أن الخلوص أراد به سقوط الأجر؛ ولأنه قال: ﴿لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ﴾ [الأحزاب: ٥٠]، والضيق إنما يكون عليه في دفع البدل الذي يجوز أن يعجز عنه، ولا يكون في إبدال لفظ بلفظ انتقل عليه كل واحد منهما؛ ولأن هذا أخرج مخرج الامتنان، والله تعالى يمُنُّ على نبيه بما له فيه منفعة، وذلك موجود في سقوط العوض، فأما في إبدال لفظ بلفظ فلا؛ ولأنه عقد يوجب الملك المؤبد ليس من شرطه تسمية البدل، فانعقد بلفظ (الهبة) (١) كهبة الأموال؛ ولأنه عقد على البُضع فلا يختص بلفظين كالخلع؛ ولأن منفعة البُضع تملك على التأبيد بالانفراد، وتملك الرقبة مع منفعة البضع على التأبيد، فإذا جاز أن يملكا جميعًا على التأبيد بلفظ الهبة، جاز أن يملك أحدهما، [يبيّن ذلك: أن كل شيئين


(١) في أ (البذل).

<<  <  ج: ص:  >  >>