مسألتنا؛ لأنَّه حق قويٌّ لا يسقط بترك المطالبة والإعراض؛ فلذلك لم يسقط بالصلح إذا لم يسلم العوض المشروط.
وقد قالوا في الكفيل بالنفس: إذا صالح على مال لإسقاط الكفالة أنَّه لا يصحُّ أخذ المال؛ لأنَّ الكفالة [بالنفس حق ليس فيه معنى المال، فلا يجوز الصلح على مال، وهل تسقط الكفالة؟] فيه روايتان: إحداهما: لا تسقط؛ لأنَّ المكفول له لم يرض بإسقاطها إلا بعوض، فإذا لم يسلِّم له بقي حقّه، وفي الرواية الأخرى تسقط؛ لأنَّ إسقاطها لا يقف على عوض، فإذا أسقطها بعوض فبطل من طريق الحكم، لم يبطل الإسقاط كالخلع والعفو عن دم العمد.
فإن قيل فإسقاط الحقِّ في مسألة السلم لا يقف على عوض؛ فبطلان العوض فيه لا يُوجبُ بطلانه، قلنا: هذا الحق لا يصحُّ إسقاطه، ألا ترى أنَّ ربَّ السلم لو قال أسقطت حقِّي من التسليم في البلد لم يسقط، وإنما إذا قبض المسلم [فيه] في غير ذلك المكان ملكه بالقبض، والتسليم في المكان صفة للملك، فسقط بسقوط الحق عن الذمَّة، فإذا ردَّه عادت الصفة بعوده (١).