للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعقد لم يصر قصاصًا، وإن تقاصَّا، وإن وجبَ بقبضٍ مثل القرض والغصب صارَ قصاصًا، وإن لم يتقاصَّا، والأصل في ذلك: أن عقد السلم يوجب الاقتضاء، ولا يوجبُ القضاء؛ لأنَّ الاقتضاء [من موجب] (١) العقد، والقضاء تصرُّفٌ في المعقود عليه، والتصرُّف في المسلم فيه لا يجوز.

والاقتضاء: كل قبض مضمون متأخِّر عن سبب الحق في مثله؛ بدلالة أنَّ من له على رجل مالًا فدفعه إليه، فالقابض مقتضٍ (٢) لوجود هذا المعنى فيه، والمقتضي: مَن ثبت عليه الدين أخيرًا، [والقاضي: من ثبت عليه الدين أوّلًا]؛ بدلالة أن مَن اقترضَ عشرةً فردَّها، فالمقترضُ مقتضي لأن العشرة التي قبضها صارت [بالردّ] دَينًا، ثم صارت قصاصًا، فهو الذي ثبت عليه الدينُ أخيرًا، والمُستقرضُ قاضيًا؛ لأنَّه الذي ثبت عليه الدين أولًا.

وإذا ثبت هذا الأصل قلنا: إذا وَجبَ الحقُّ على ربِّ السلم بسبب تقدّم عقده لم يصر قصاصًا تسلمُه؛ لأنَّه يصير قاضيًا بالسلم دَيْنَه، وقد بيَّنّا أن السلم لا يُوجبُ القضاء.

وأمَّا إذا وجبَ عليه الحقُّ بعقد بعد [عقد] السلم لم يصر قصاصًا؛ لأنَّ حقيقة الاقتضاء لا تُوجدُ فيه، وهو القبضُ المضمون [المتأخر] في مثل الحق.

فإن وجبَ بقبض مضمون صارَ قصاصًا؛ لأنَّه وَجد حقيقة الاقتضاء، وهو القبض المضمون المتأخِّر عن العقد في مثل الحق، فأمَّا إن كان غصبه كرًا قبل العقد، وبقي قائمًا في يده إلى أن حَلَّ العقد، فجعله قصاصًا صَار قصاصًا، سواء


(١) في ج (مقتضى) والمثبت من أ.
(٢) في أ (مقبض).

<<  <  ج: ص:  >  >>