للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنس "أن النبيّ أمر مناديه أن ينادي إن الله ورسوله نهاكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنّها رجس" (١) وهذه العبارة تستعمل في النجاسات.

والذي اقتضى الطهارة حديث ابن عمر أن النبيّ سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال: "نعم، وبما أفضلت السباع كلها" (٢)؛ ولأن الحمار محرم الأكل، لا لحرمته كالكلب، وهذا يقتضي النجاسة؛ [وأنه] (٣) يسكن مع الآدمي في البيوت كالهر، وهذا يقتضي الطهارة، فتعارض القياسان، ولم يترجح أحدهما على الآخر.

وفي مذهب أبي حنيفة: أن أمارات الشرع يجوز أن تتعارض من غير ترجيح؛ لأنّها تقتضي الظن (ويجوز أن يكون حكم الله تعالى الوقف) (٤)، وليس كذلك الدلائل العقلية؛ لأنّها توجب العلم، فلا يجوز أن تتساوى مع التضاد.

ومن أصحابنا من قال: إن جهة الشك أن عرقها طاهر، ولبنها محرم، واللعاب يعتبر باللبن والعرق، فإن ألحق بالعرق كان طاهرًا، وإن ألحق باللبن كان نجسًا، وإذا لم يحكم فيه بنجاسة ولا طهارة، لم يجز الوضوء به مع القدرة على الماء الطاهر؛ لأنه يؤدي فرضه بالشك، فإن لم يجد غيره توضأ به وتيمم، فإن كان طاهرًا أدى فرضه به، وإن كان نجسًا فقد أدى فرضه بالتيمم.

فإن قيل: إذا كان نجسًا فقد صَلّى مع النجاسة في أعضائه.


(١) رواه البخاري (٥٥٢٨)، وابن ماجه (٣١٩٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) في النسخ (لأنه)، والمثبت يدل عليه السياق.
(٤) في ب (ويكون حكم الله تعالى الذي تعبدنا به فيها الوقف).

<<  <  ج: ص:  >  >>