للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المكفول عنه في الأداء كوكيله.

وجَهُ قول زفر: أنَّه أقام ما في ذمَّة الكفيل مقامَ ما في ذمَّته فصارَ كالبدل عنه.

وأمَّا فرقه بين رأسِ المال والمسلم فيه على رواية ابن شجاع؛ فلأن رأس المال يقبض في المجلس، والكفالة يحتاجُ إليها في الديون التي يتأخر قبضها، والمسلم فيه يتأخر قبضه؛ فلذلك جازت الكفالة [به].

وأمَّا الرهن فيجوز عندنا برأس المال، والمُسَلَم فيه، وقال زفر: لا يجوز.

لنا قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ﴾ [البقرة: ٢٨٢] إلى قوله: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، قال ابنُ عباس: [أشهد] (١) أن السلم المؤجل في كتاب الله تعالى دينًا، [وتلا] هذه الآية (٢)، وإذا تضمَّنت المداينة السّلم، وقد أجَاز الله تعالى الرهنَ فيه فدَلَّ على جَوازه؛ ولأن الرهنَ وثيقة كالشَّهَادة.

وجَه قول زفر: أن الرَّهن إذا هلك صارَ المرتهنُ مُستوفيًا لدينه منه، واستيفاء غير رأس المال والمسلم فيه لا يجوز.

والجوابُ: أنَّ الرهنَ إذا هلكَ لم يَصر عوضًا عن الدين، وإنَّما يصير المرتهنُ مستوفيًا لنفس حقِّه بهلاكه حكمًا؛ الدليل عليه: أن الكفيل لو رَهَنَ المكفول له رهنًا فهلك رَجعَ على المكفولِ عنه بدَيْنِه، وقد قالوا في العبد الرهن إذا مات وجبَ كفنه على الراهن، ولو كانَ المرتهنُ [صار به] مُستوفيًا، وجبَ كفنه عليه.


(١) في ج (اشتهر) والمثبت من أ.
(٢) انظر: تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز) ص ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>