للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والاحتكار أن يبتاع طعامًا من مصر أو من مكان قريب من المصر يُجلب طعامه إلى المصر، وذلك مصر صغير يضرّ به هذا [الفعل]، فأمَّا إذا كان مصرًا كبيرًا لا يضرُّ به هذا الفعل لم يمنع منه، وكذلك قال أبو حنيفة في (تلقي الجلب): إذا كان في بلدٍ لا يضرُّ بأهله، فلا بأس.

وقالوا فيمن جلب طعامًا من مكان بعيدٍ من المصر [فاحتكره ولم يبعه لم يمنع من ذلك؛ لأنه كان له أن لا يجلبه، فليس في الامتناع من بيعه إضرار بأهل المصر]، وكذلك من زرع أرضه وادَّخر طعامًا فليس بمحتكرٍ؛ لأنَّه كان له أن لا يزرعها.

قال محمد: أُجبرُ المحتكرين على بيع ما احتكروه، ولا أسعّرُ، ويقال له بع كما يبيع الناس وبزيادة يتغابن في مثلها، ولا أتركه يبيع بأكثر من ذلك.

والأصل في امتناع التسعير - خلاف ما قاله مالك -: ما رويَ (أن السِّعر غلا بالمدينة فقالوا: يا رسول الله، لو سعَّرت، فقال: "إن الله المُسعِّر" (١)؛ ولأنَّ التسعير تقدير للثمن الذي يُباع به الطعام، والإنسان لا يُجبر على البيع بثمن معيَّن [كسائر أملاكه].

فأمَّا قوله: إنِّي أجبرهم على البيع بما يبيع الناس؛ فلأنَّ في ترك البيع إلحاقُ ضررٍ، وهذا يجب أن يكون على قول أبي يوسف ومحمد على أصلهما


= وأما الجزء الثاني فمتفق عليه من حديث ابن عباس رفعه: (لا تلقوا الركبان … ) كما في الدراية ٢/ ٢٣٤.
(١) أخرجه أبو داود (بطوله) (٣٤٥١)؛ والترمذي (١٣١٤) وقال: "حديث حسن صحيح"؛ وابن ماجه (٢٢٠٠)؛ وأحمد في المسند ٣/ ٢٨٦؛ الدراية ٢/ ٢٣٤؛ نصب الراية ٤/ ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>