قالا، حدَّثني محارب بن دثار، عن أبي الزبير، عن جابر، (أن رسول الله ﷺ اشترى بعيرًا من أعرابي، وشرط حمولته إلى المدينة)(١).
وما ذهب إليه أبو حنيفة ﵁ أولى؛ لأنَّه يقتضي الحظر، فهو أولى مما يقتضى الإباحة؛ ولأنَّ خبر عائشة ﵂ لا دلالة فيه؛ لأنَّ البيع فسد عندنا بالشرط، والبيعُ الفاسد إذا اتصل بالقبض ملك، فنفذ العتق مع فساد البيع، وأمَّا حديثُ جابر فلا دلالة فيه؛ لأنَّه يجوز أن يكون شرط بعد العقد، والشرط إذا لم يكن في نفس العقد لم يفسد، إذا ثبت هذا الأصل، قال بشر عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة: كل شرط في البيع لا يقتضيه وفيه منفعة للبائع، أو للمشتري، [أو للمبيع]، أو لغيرهما، أو فيه مضرة على المشتري وليس فيه نفعٌ لأحد، فالبيع فاسد.
وقال هشام عن محمد: إذا شرط فيه شرطًا ليس فيه منفعة لأحد لم يَفسد العقد، وروي ذلك عن أبي حنيفة، وقال في المزارعة الكبير: ألا ترى أن أبا حنيفة كان يقول: لو باع رجلٌ جارية على ألا يطأها المشتري فالبيع جائز والشرط باطل.
فوجهُ رواية أبي يوسف: أنَّه شرط في العقد ما لا يقتضيه، فصار كالشرط الذي فيه منفعة.
وجهُ رواية محمد: أن الشرط إنما يثبت حكمه إذا تعلَّق به حق لمستحق،
(١) رواه بطوله الطبراني في الأوسط، وقال: "لم يرو هذا الحديث عن أبي حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة إلا عبد الوارث" ٤/ ٣٣٥، وقال الهيثمي عن رواية الطبراني: "وفي طريق عبد الله بن عمرو مقال". مجمع الزوائد ٤/ ٨٥؛ ومسند أبي حنيفة ١/ ١٦٠.