للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنّ الذي يحصل للميت ثواب النفقة، وذلك يوجد في الركوب، فأمّا الماشي فلا تكمل نفقته، فلا يحصل للميت المقصود؛ لأنّ الله تعالى أوجب الحج راكبًا، ولم يُوجبه ماشيًا، والأداء يقع بحسب الإيجاب.

وقد روي عن محمد: أنه قال فيمن حجّ على حمارٍ عن الميت: كرهت [له] ذلك، والجمل أفضل؛ لأنّ النفقة في ركوب الجمل أكثر منها في ركوب الحمار، والمقصود ما يتحصّل من ثواب النفقة، فما كان أوفر، كان أولى (١).

[قال]: وإذا حجّ عن ميتٍ، فقضى حجّه، ثم نوى المقام بمكة خمسة عشر يومًا، أنفق من مال نفسه في مقامه [هذا]، فإذا رجع بعد ذلك، أنفق من مال الميت.

قال ابن رستم عن محمد: وكذلك إذا نوى أن يقيم سنةً، أو سنتين.

والأصل في هذا: أنّ الإقامة بعد الحجّ إذا كانت إقامةً معتادةً، فالنفقة في مال الميت، وإن زادت على العادة، فهي إقامةٌ لا غرض فيها للميِّت، فلا يلزمه النفقة فيها، كمقامه للتجارة.

وقد قالوا: إنه يُنفق من مال الميت إذا أقام بعد الحجّ ثلاثة أيامٍ؛ وذلك لأنّ في زمانهم كان الخروج مُتيسِّرًا من مكة في أيّ حالٍ شاء، فجوّزوا له أن يقيم قدر ما أذن النبي للمهاجرين فيه أن يُقيموا بمكة.

فأمّا الآن، فلا يمكن الحاجّ عن غيره أن يخرج من مكة إلا مع جملة الناس، فإذا أقام منتظرًا لخروجهم، كانت النفقة في مال الميت وإن طال ذلك، ألا ترى


(١) في ب (كان أفضل).

<<  <  ج: ص:  >  >>