وقد قال محمد: إنه إذا شهد عند الإمام شاهدان في عشيَّة عرفة برؤية الهلال، فإن كان لا يلحق الوقوف في بقيَّة الليل مع عامة الناس، لم يعمل على الشهادة، ووقف من الغد بعد الزوال؛ وذلك لأنهم إذا شهدوا وقد تعذّر الوقوف على الجماعة، صار كأنهم شهدوا بعد الوقت (١).
[قال]: وإن كان الإمام يلحق الوقوف قبل الفجر مع عامة الناس؛ إلا أنه لا يدرك ذلك ضَعفةُ الناس، فإن وقفَ جاز، وإن لم يقف [لم يجز]، وقد فاته الحجّ؛ لأنه ترك الوقوف في وقته مع العلم والقدرة، والمعتبر قدرة الأكثر، وليس المعتبر بالأقلّ.
قال محمد: وإن اشتبه على الناس، فوقف الإمام والناس يوم النحر، وقد كان وقف يوم عرفة من رأى الهلال، لم يجزه وقوفه، وكان عليه أن يُعيد الوقوف مع الإمام؛ لأنّ يوم النحر صار يوم الحجّ في حقّ الجماعة، ووقت الوقوف لا يجوز أن يختلف، فلا يعتدّ بما فعله الواحد.
[قال]: وكذلك إذا أخَّر الإمام الوقوف لمعنى يسوغ فيه الاجتهاد، لم يجز لمن وقفّ قبله، وهذا كالإمام يشهد عنده شاهدان بهلال ذي الحجّة، فردَّ شهادتهما؛ لأنه لا علَّةَ بالسماء، [فوقف بشهادتهما قومٌ قبل الإمام لم يجزهم]؛ لأنّ الإمام أخَّر [الوقوف] لسببٍ يجوز له العمل عليه في الشرع، فصار كالمؤخِّر بالاشتباه.