للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

، قال: (حتى إذا أتى البيت، استلم الركن وطاف بالبيت سبعة أشواط، رمل من ذلك ثلاثًا) (١).

وأمّا ابن عباس، فذهب إلى أنّ النبي اضطبع ورمل لمعنى، وذلك أنّ المشركين أخلَوا له مكة في عمرة القضاء، وصعدوا إلى الجبال، وقالوا: (إن حمى يثرب قد أو هنتهم، واضطبع رسول الله ورمل)، وقال: "رحم الله امرأً أبدى من نفسه الجَلَد" (٢)، قال ابن عباس: وهذا المعنى قد زال.

وهذا ليس بصحيحٍ؛ لما بيّنا أنّه رمل في حجَّته، وهي بعد الفتح؛ ولأنّ الصحابة رملوا بعده، وروي عن عمر أنّه قال: (ما لي أهزُّ كتفي وليس عندي من أرائيه، ولكني أفعل كما فعل رسول الله ) (٣).

وليس يمتنع أن يكون أصل الرمل فُعِل لسببٍ، ثم يُفعل بعد زواله، كما أنّ رمي الجمار أصلها أنّ إبراهيم رمى الشيطان، ثم صارت سُنَّةً.

وقد قال أصحابنا: إنّه يرمل من الحَجَر إلى الحَجَر.

وقال سعيد بن جبير، وطاووس، وعطاء، ومجاهد: لا يرمل ما بين الركن اليماني والحَجَر، وإنّما يرمل من الجانب الآخر (٤).

قالوا: لأنّ المشركين كانوا يطَّلعون على المسلمين من ذلك الجانب، فإذا صاروا إلى الركن اليماني حال [البيت بينهم] (٥).


(١) أخرجه مسلم (١٢١٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٢٦٤).
(٣) أخرجه أبو داود (١٨٨٧)؛ وابن ماجه (٢٩٥٢)؛ وصححه ابن خزيمة (٢٧٠٨).
(٤) ابن أبي شيبة (٣/ ٣٥٧).
(٥) في أ (البيت بينه وبينهم)، والمثبت من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>