للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر: وبهذا أمرنا رسول الله (١)، ولأنّ هذه شهادة فيها منفعةٌ لآدميٍّ، [وهو الفطر]، فصارت كالشهادة بحقوق الآدميين.

وأمّا إذا كانت السماء مصحيَّةً، لم يُقبل فيه إلا قول الجماعة كما بيّنا في هلال رمضان.

قال ابن سماعة: قلت لمحمدٍ: إذ قبلت شهادة الرجل [الواحد على الصوم، أليس] تفطر على شهادته، وقد غُمَّ على الناس (٢) رؤية الهلال - يعني: هلال شوال -، فأفطرت يومًا لا تدري لعله من رمضان؟ قال: لا أتَّهم المسلم أن يتعجّل يومًا مكان يومٍ، وإن اتهمته أن ينقص يومًا.

وهذا إلزامٌ ظاهر؛ لأنّه إذا قبل شهادة الواحد في أول الشهر، ثم أفطر بكمال العدّة، فقد أفطر بقول الواحد؛ وذلك لا يجوز، وأجاب محمد بما ذكره من نفي التهمة.

ويجوز أن يجاب عنه: بأنّ شهادة الواحد إنّما قُبلت في إيجاب الصوم، ثم ثبت جواز الفطر بمقتضاها، ويجوز أن يثبت بمقتضى الشهادة ما لا يثبت بها، كما يثبت الميراث بحكم النسب الذي يثبت بشهادة القابلة بالولادة، وإن كان الميراث لا يثبت بشهادتها.

وقد حكي عن محمد: أنّه فصَّل في ذلك بين شهادة الصوم وشهادة الفطر، وقال: إنّما قبلت شهادة الواحد على هلال رمضان؛ لأنّه دخولٌ في العبادة، ولم أقبله في الفطر إلا بشهادة اثنين؛ لأنّها خروجٌ من عبادة، ألا ترى أنّ رجلًا


(١) أخرجه أبو داود (٢٣٣٨)؛ والدارقطني (٢/ ١٦)، وقال: "إسناده متصل صحيح".
(٢) في ب (إذا غمّ عليهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>