للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكتاب والسُّنَّة أشياء على وفق البحور؛ فمنها ما جاء على وفق الرَّجز؛ نحو (١): ﴿إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨] ومن السُّنَّة قوله [خ¦٢٨٠٢]: «هل أنت إلَّا أصبعٌ دميت، وفي سبيل الله ما لقيت» وسبق مزيدٌ لذلك في هذا الشَّرح، فليُراجَع.

وفي سنده من اللَّطائف: القول في موضعين، والتَّحديث في موضعين، والعنعنة وهي في البخاريِّ محمولةٌ على السَّماع، فهي مثل أخبرنا؛ إذ العنعنة من غير المدلِّس محمولةٌ على السَّماع كما تقرَّر في المقدِّمة أوَّل هذا الشَّرح.

وفي الحديث أيضًا: الاعتناء بشأن التَّسبيح أكثر من التَّحميد؛ لكثرة المخالفين فيه، وذلك من جهة تكريره بقوله: «سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» وقد جاءت السُّنَّة به على أنواعٍ شتَّى، ففي «مسلمٍ» عن سَمُرة مرفوعًا: «أفضل الكلام سبحان الله والحمد لله ولا إله إلَّا الله والله أكبر» أي: أفضل الذِّكر بعد كتاب الله، والموجب لفضلها (٢) اشتمالها على جملة أنواع الذِّكر من التَّنزيه والتَّحميد والتَّمجيد، ودلالتها على جميع المطالب الإلهيَّة إجمالًا؛ لأنَّ النَّاظر المتدرِّج في المعارف يعرفه سبحانه أوَّلًا بنعوت الجلال التي تنزِّه ذاته عمَّا يوجب حاجةً أو نقصًا، ثمَّ بصفات الإكرام وهي الصِّفات الثُّبوتيَّة التي يستحقُّ بها الحمد، ثمَّ يعلم أنَّ مَنْ هذا شأنه لا يماثله غيره ولا يستحقُّ الألوهيَّة سواه، فيُكشَف له من ذلك أنَّه أكبر؛ إذ ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨] وفي «التِّرمذيِّ» -وقال: حديثٌ غريبٌ- عن ابن عمر أنَّ رسول الله قال: «التَّسبيح نصف الميزان، والحمد لله تملؤه (٣)، ولا إله إلَّا الله ليس لها حجابٌ دون الله حتَّى تخلص إليه» وفيه وجهان:

أحدهما: أن يُراد التَّسوية بين التَّسبيح والتَّحميد بأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يأخذ نصف الميزان، فيملآن الميزان (٤) معًا وذلك لأنَّ الأذكار التي هي أمُّ العبادات البدنيَّة الغرض الأصليُّ من شرعها ينحصر في نوعين: أحدهما: التَّنزيه، والآخر التَّحميد، والتَّسبيح يستوعب القسم الأوَّل، والتَّحميد يتضمَّن القسم الثَّاني.


(١) زيادة من (ص) و (ع): «﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ﴾».
(٢) في (ص): «للفضل».
(٣) في (ص) و (ع): «يملؤه».
(٤) قوله: «فيملآن الميزان»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>