للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاطِنِ كَفِّهِ، فَصَنَعَ النَّاسُ) زاد أبو ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ: «خواتيم» أي: من ذهبٍ (ثُمَّ إِنَّهُ) (جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ فَنَزَعَهُ) جملة «جلسَ» في موضع خبر «إنَّ» وجملة «نزعَهُ» معطوفةٌ على الَّتي قبلها (فَقَالَ) عطفٌ، أو في موضعِ الحال، أي: جلسَ وقد قال، فيكون قوله قبل جلوسِهِ، أو مع جلوسِهِ، ومعمول (١) القول: (إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الخَاتِمَ، وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ) أي: من داخلِ كفِّي (فَرَمَى) (بِهِ) بالخاتم ولم يستعملْه (ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَا أَلْبَسُهُ أَبَدًا) لأنَّه حُرِّم يومئذٍ (فَنَبَذَ النَّاسُ) فطرحوا (خَوَاتِيمَهُمْ) وأرادَ بحلفهِ تأكيد الكراهةِ في نفوس أصحابهِ وغيرهم ممَّن بعدَهم. وقال المهلَّبُ: إنَّما كانَ يحلِفُ في تضاعيفِ كلامهِ وكثيرٍ من فتواهُ متبرِّعًا بذلك؛ لنسخِ ما كانتْ عليه الجاهليَّة في الحلفِ بآبائهِم وآلهتهِم؛ ليعرِّفهُم أنَّ لا محلوف (٢) به سوى الله تعالى، وليتدرَّبوا (٣) على ذلك حتَّى ينسُوا ما كانوا عليه من الحلفِ بغيرهِ تعالى. وقال ابنُ المُنَيِّر: مقصودُ التَّرجمة أن يخرجَ مثل هذا من قولهِ تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٤] يعني: على أحدِ التَّأويلات فيها؛ لئلَّا يُتَخيَّل أنَّ الحالفَ قبل أن يُستحلف يرتكبُ النَّهي، فأشار إلى أنَّ النَّهي يختصُّ بما ليس فيه قصدٌ صحيحٌ كتأكيدِ الحكم، كالَّذي (٤) وردَ في حديثِ الباب في منع لُبس خاتم الذَّهب. انتهى. وإطلاقُ بعض الشَّافعيَّة كراهيةَ (٥) الحلفِ من غير استحلافٍ فيما لم يكنْ طاعةً، ينبغي أن يقالَ فيما لم يكنْ مصلحةً، بدل قولهِ: «طاعة» كما (٦) لا يخفى.

والحديث سبق في «كتاب اللِّباس» [خ¦٥٨٦٦].

(٧) (باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ) بكسر الميم وتشديد اللام، دينٍ وشريعةٍ (سِوَى الإِسْلَامِ) ولغيرِ أبي ذرٍّ:


(١) في (د): «معمول».
(٢) في (ع): «يكون المحلوف».
(٣) في (ع) و (د): «وليثبتوا».
(٤) في (د): «الذي».
(٥) في (د): «كراهة».
(٦) في (د): «لما».

<<  <  ج: ص:  >  >>