لا يكون إلَّا بيتًا تامًّا مقفًّى على أحد أنواع العَروض المشهورة، وبأنَّ الشِّعر لا بدَّ فيه من قصد ذلك، فما لم يكن مصدره عن نيَّةٍ له ورويَّةٍ (١) فيه، وإنَّما هو اتِّفاق كلامٍ يقع موزونًا ليس منه، فالمنفيُّ صنعة الشاعريَّة لا غير.
وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الأدب»[خ¦٦١٤٦]، ومسلمٌ في «المغازي»، والتِّرمذيُّ في «التَّفسير»، والنَّسائيُّ في «اليوم واللَّيلة».
٢٨٠٣ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنْ أَبِي الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن هرمز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: وَ) الله (الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) بقدرته أو في ملكه (لَا يُكْلَمُ) بضمِّ التَّحتيَّة وسكون الكاف وفتح اللَّام، أي: لا يُجرَح (أَحَدٌ) مسلمٌ (فِي سَبِيلِ اللهِ) أي: في الجهاد، ويشمل من جُرِحَ في ذات الله، وكلّ ما دافع فيه المرء بحقٍّ فأصيب فهو مجاهدٌ، كقتال البغاة وقُطَّاع الطَّريق وإقامة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وعند مسلمٍ من طريق هَمَّام عن أبي هريرة:«كلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُه المسلمُ»(-وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ) يُجرَح (فِي سَبِيلِهِ-) جملةٌ معترضةٌ بين المستثنى منه والمستثنى، مؤكِّدةٌ مقرِّرةٌ لمعنى المعترض فيه، وتفخيم شأن من يُكلَم في سبيل الله، ومعناه -والله أعلم-: تعظيم شأن من يُكلَم في سبيل الله، ونظيره قوله تعالى: ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى﴾ [آل عمران: ٣٦] أي: والله أعلم بالشَّيء الَّذي وضعت وما عُلِّقَ به من عظائم الأمور، ويجوز أن يكون تتميمًا للصِّيانة عن الرِّياء والسُّمعة، وتنبيهًا على الإخلاص في الغزو، وأنَّ الثَّواب المذكور إنَّما هو لمن أخلص فيه، وقاتل لتكون كلمة الله هي