للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تمليكٌ، فلو قال الرَّجل لزوجته: طلِّقي نفسك إن شئتِ فتمليكٌ للطَّلاق لأنَّه يتعلَّق بغرضها فنزَل منزلةَ قوله: ملَّكتك طلاقَك، ويشترطُ أن يكون فورًا، لتضمُّنه القَبول وهو على الفورِ، فلو أخَّرت بقدر ما ينقطعُ به القبولُ عن الإيجاب ثمَّ طلَّقت لم يقع، إلَّا إن قال: طلِّقي نفسكِ متى شئتِ، فلا يشترطُ الفور، وللزَّوج الرُّجوع قبل التَّطليق ولا يصحُّ تعليقُه، فلو قال: إذا جاء الغد أو زيدٌ مثلًا فطلِّقي نفسك لغا. وقال المالكيَّة والحنفيَّة: لا يشترطُ الفور بل متى طلَّقت نفذَ.

(٦) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في كنايات الطَّلاق، وهي ما يحتملُ الطَّلاق وغيره، ولا يقع الطَّلاق بها إلَّا بالنِّيَّة لأنَّها غير موضوعةٍ للطَّلاق بل موضوعةٌ لما هو أعمُّ من حكمهِ، والأعمُّ في المادَّة الاستعماليَّة يحتمل كلًّا مِنْ مَاصَدَقاتِهِ (١)، ولا يتعيَّن أحدهما إلَّا بمعيِّن، والمعيِّن (٢) في نفس الأمر هو النِّيَّة، وما ذكره المصنِّف في قوله: (إِذَا قَالَ) أي: الرَّجل لامرأته: (فَارَقْتُكِ، أَوْ سَرَّحْتُكِ، أَوِ الخَلِيَّةُ) فعيلةٌ بمعنى فاعلة (٣)، أي: خليَّةٌ من الزَّوج، وهو خالٍ منها (أَوِ البَرِيَّةُ) من الزَّوج، مقتضاه: أنَّ لا صريح عنده إلَّا لفظ الطَّلاق وما تصرَّف منه، وهو قول الشَّافعيِّ في القديم، لكن نصَّ في الجديد على أنَّ الصَّريح لفظ الطَّلاق والفراق والسَّراح لورود ذلك في القرآن بمعنى الطَّلاق (أَوْ مَا عُنِيَ بِهِ الطَّلَاقُ) بضم العين، وغيره كاستبرِئي (٤) رحمكِ، أي: فقد طلَّقتُك فاعتدِّي، وحبلُك على غاربِك، أي: خلَّيتُ سبيلك كما يخلَّى البعير في الصَّحراء، أو يُترك زمامه على غاربِهِ، وهو ما تقدَّم من الظَّهر وارتفعَ من العنق، وودِّعيني، وبرئتُ منك (فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ) إن نوى الطَّلاق وقع وإلَّا فلا، ويدلُّ لذلك (قَوْلُ اللهِ ﷿ ولأبي ذرٍّ: «وقول الله»: (﴿وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ [الأحزاب: ٤٩]) أي: بالمعروف، وكأنَّه يريد أنَّ التَّسريح


(١) قال في «المعجم الوسيط»: «الماصدق» عند المناطقة: الأفراد التي يتحقق فيها معنى الكلّيّ.
(٢) في (ص): «المعنى».
(٣) في (م): «فعليه بمعنى فاعله».
(٤) في (ص): «كاشتري».

<<  <  ج: ص:  >  >>