مهران الحذَّاء (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ) أبي بكرةَ نُفَيع (أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ) بضم المعجمة (عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَيْحَكَ) كلمةُ ترحُّم وتوجُّع تقالُ لمن وقعَ في هلكةٍ لا يستحقُّها (قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ) أي: أهلكتَهُ استعارة من قطع العنقِ الَّذي هو القتلُ لاشتراكهمَا في الهلاكِ (يَقُوْلُهِ) أي: يقول ﷺ هذا القول (مِرَارًا، إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا) أحدًا (لَا مَحَالَةَ) بفتح الميم، أي: لا بدَّ (فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى) بضم أوَّله، أي: يظنُّ (أَنَّهُ) أي: الممدوح (كَذَلِكَ، وَحَسِيبُهُ اللهُ) بفتح الحاء وكسر السين المهملتين، أي: يحاسبهُ على عملِه الَّذي يعلمُ حقيقته والجملة اعتراضٌ. وقال شارح «المشكاة»: هي من تتمَّة القولِ، والجملة الشَّرطية حالٌ من فاعل «فليقلْ» والمعنى: فليقلْ: أحسب أنَّ فلانًا كذا إن كان يحسبُ ذلك منه، والله يعلم سرَّه؛ لأنَّه هو الَّذي يُجازيه إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًا فشرًّا، ولا يقل: أتيقَّنُ -ولا أتحقَّقُ- أنَّه مُحْسِنٌ جازمًا به (وَلَا يُزَكِّي) أحدٌ (عَلَى اللهِ أَحَدًا) مَنْعٌ له عن الجزمِ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي:«ولا يزكَّى» بفتح الكاف مبنيًّا للمفعول «على الله أحدٌ» بالرفع نائب الفاعل، والمعنى: لا يقطعُ على عاقبةِ أحدٍ، ولا على ما في ضميرهِ؛ لأنَّ ذلك مغيبٌ، وقوله:«ولا يزكِّي» خبر معناه النَّهي، أي: لا تُزَكوا أحدًا على الله؛ لأنَّه أعلم بكم منكُم (قَالَ وُهَيْبٌ) بضم الواو وفتح الهاء، ابن خالدٍ البصريُّ -بالسَّند السَّابق- (عَنْ خَالِدٍ (١): وَيْلَكَ) بدل ويَحك، في الرِّواية السَّابقة، وويلكَ كلمةُ حزنٍ وهلاكٍ، ولأبي ذرٍّ:«فقال: ويلك».
والحديث ذكر في «الشَّهاداتِ»[خ¦٢٦٦٢] فيما سبق، والله الموفِّق وبه المستعان.
(٥٥)(بابُ مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ) المسلم (بِمَا يَعْلَمُ) من الخير من غيرِ إطراءٍ ولا مبالغةٍ مع الأمن من إعجاب الممدوح وعدمِ فتنته بذلك (وَقَالَ سَعْدٌ) هو ابنُ أبي وقَّاص، ممَّا سبق موصولًا في «مناقبِ عبد الله بن سلام»[خ¦٣٨١٢] (مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ لأَحَدٍ يَمْشِي عَلَى