للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المنعوت إذا عُلِم جاز حذفه وإبقاء نعته، وقال بعضهم: إن أراد القائل أنَّه عُلِم اختصاصُه تعالى به فصحيحٌ، ولا يمنع هذا وقوعه نعتًا، وإن (١) أراد أنَّه جارٍ كالعَلَم لا يُنظر فيه إلى معنى المشتقِّ فممنوعٌ؛ لظهور معنى الوصفيَّة، وعلميَّةُ الغلبة يردُّها أنَّ لفظ «الرَّحمن» لم يستعمل إلَّا له تعالى، فلا تتحقَّق فيه الغلبة، وأمَّا قول بني حنيفة في مسيلمة: رحمن اليمامة؛ فمِن تعنُّتهم في كفرهم، ولمَّا تسمَّى بذلك كساه الله جلباب الكذب، وشُهِر به، فلا يقال إلا: مسيلمة الكذَّاب، والأظهر: أنَّ «رحمن» غير مصروفٍ كـ «عطشان» وقال البيضاويُّ: وتخصيص التَّسمية بهذه الأسماء ليعلم العارف أنَّ المستحقَّ لأَنْ يُستعانَ به في مجامع الأمور هو المعبود الحقيقيُّ الذي هو مَوْلَى النِّعم كلِّها، عاجلها وآجلها، جليلها وحقيرها، فيتوجَّه بشراشره إلى جناب القدس، ويتمسَّك بحبل التَّوفيق، ويشغل سرَّه بذكره والاستلذاذ (٢) به عن غيره.

(الرَّحِيمُ (٣) وَالرَّاحِمُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَالعَلِيمِ وَالعَالِمِ) وهذا بالنَّظر إلى أصل المعنى، وإلَّا فصيغة «فَعِيل» من صِيَغ المبالغة، فمعناها زائدٌ على معنى الفاعل، وقد ترد صيغة «فعيل» بمعنى الصِّفة المشبَّهة، وفيها أيضًا زيادةٌ لدلالتها على الثُّبوت، بخلاف مجرَّد الفاعل فإنَّه يدلُّ على الحدوث، ويحتمل أن يكون المراد أنَّ «فعيلًا» بمعنى: «فاعل» لا بمعنى «مفعول»؛ لأنَّه قد يَرِدُ بمعنى «مفعول» فاحتُرِز عنه.

(١) (باب مَا جَاءَ فِي فَاتِحَةِ الكِتَابِ) أي: من الفضل، أو من التَّفسير، أو أعمَّ من ذلك، و «الفاتحة» في الأصل إمَّا مصدرٌ كالعافية (٤)، سُمِّي بها أوَّل ما يفتتح به الشَّيء؛ من باب إطلاق المصدر على المفعول، والتَّاء للنَّقل إلى الاسميَّة، وإضافتها إلى «الكتاب» بمعنى: «مِنْ» لأنَّ أوَّل الشَّيء


(١) في (م): «وإذا».
(٢) في (د): «والالتذاذ».
(٣) زيد في (م): «الرَّحمن».
(٤) في (د): «كالعاقبة»، وكلاهما صحيحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>