(وَفَضْلُ عَائِشَةَ) بنت أبي بكرٍ (عَلَى النِّسَاءِ) أي: نساء هذه الأمَّة (كَفَضْلِ الثَّرِيدِ) المُتَّخَذ من الخبز واللَّحم (عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ) وهذا لا يلزم منه ثبوت الأفضليَّة المُطلَقة، بل يُخَصُّ بنحو نساء هذه الأمَّة كما مرَّ، وأشار ابن حبَّان -كما أفاده في «الفتح» - إلى أنَّ أفضليَّتها التي يدلُّ عليها هذا الحديث وغيره مقيَّدةٌ بنساء النَّبيِّ ﷺ حتَّى لا يدخل فيها مثل فاطمة ﵍؛ جمعًا بينه وبين حديث الحاكم:«أفضل نساء أهل الجنَّة خديجة وفاطمة»، وفي «الصَّحيح»: لمَّا جاءت فاطمة ﵂ إلى النَّبيِّ ﷺ قال لها: «ألست تحبِّين ما أحبُّ؟» قالت: بلى، قال:«فأحبِّي هذه؛ يعني: عائشة» قال الشَّيخ تقيُّ الدِّين السُّبكيُّ: وهذا الأمر لا صارف لحمله على الوجوب، وحكمه ﷺ على الواحد حكمه على الجماعة، فيلزم من هذا وجوب محبَّتها على كلِّ أحدٍ، وقال ﷺ فيها ما لا يُحصَى من الفضل، ونطق القرآن العزيز في شأنها بما لم ينطق به في غيرها، وأمَّا بقيَّة أزواجه ﷺ غير خديجة؛ فلا يبلغن هذه المرتبة، لكنَّا نعلم لحفصة بنت عمر من الفضائل كثيرًا، فما أشبه أن تكون هي بعد عائشة، والكلام في التَّفضيل (١) صعبٌ، ولا ينبغي التَّكلُّم إلا بما ورد، والسُّكوت عمَّا سواه وحفظ الأدب، وقال المتولِّي من أصحابنا: والأَولى بالعاقل ألَّا يشتغل بمثل ذلك.