حجبُ نقصانٍ، وحجبُ حرمانٍ، ووجه دخولهِ في هذا الباب أنَّه دلَّ على أنَّ الَّذي يبقى بعد الفرضِ يُصرَفُ لأقرب النَّاس إلى الميِّت، فكان الجدُّ أقرب فيقدَّم.
وقال الكِرْمانيُّ: فإن قلت: حقُّ التَّرجمة أن يُقال: ميراثُ الجدِّ مع الإخوة؛ إذ لا دخلَ لقولهِ: مع الأب، فيها؟ قلتُ: غرضُه بيان مسألةٍ أخرى، وهي أنَّ الجدَّ لا يرثُ مع الأب وهو محجوبٌ به، كما يدلُّ عليه قوله:«فلأَوْلى رجلٍ».
والحديث سبق قريبًا [خ¦٦٧٣٥].
٦٧٣٨ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ) بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة، عبد الله بن عَمرو بن أبي الحجَّاج المنقريُّ المقعدُ قال:(حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ) بن سعيدٍ قال: (حَدَّثَنَا أَيُّوبُ) السَّخْتِيانِيُّ (عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)﵄، أنَّه (قَالَ: أَمَّا الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ) فيه: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَلِيلًا) أرجع إليه في الحاجاتِ، وأعتمدُ عليه في المهمَّات (لَاتَّخَذْتُهُ) يعني: أبا بكرٍ الصِّدِّيق ﵁، وإنَّما الَّذي ألجأُ إليه وأعتمدُ في كلِّ الأمور عليه هو الله تعالى (وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ). فإن قلتَ: كيف تكون أخوَّةُ الإسلام أفضل والخلَّة تستلزمُها وتزيدُ عليها؟ أُجيب بأنَّ المراد أنَّ مودَّة الإسلام مع النَّبيِّ ﷺ أفضلُ من مودَّته مع غيره، والَّذي في «اليونينيَّة»: «خلَّةُ الإسلامِ أفضلُ»(-أَوْ قَالَ: خَيْرٌ-) شكٌّ من الرَّاوي (فَإِنَّهُ) يعني: أبا بكرٍ (أَنْزَلَهُ) أي: أنزلَ الجدَّ (أَبًا) في استحقاقِ الميراث (أَوْ قَالَ: قَضَاهُ أَبًا) بالشَّكِّ من الرَّاوي، أي: حكم بأنَّه كالأبِ.
والحديث سبقَ في «باب الخَوْخَة والممَرِّ في المسجد»[خ¦٤٦٧] وفي «المناقب»[خ¦٣٦٥٨] لكن ليس بلفظ: «أمَّا الَّذي قال رسولُ الله ﷺ» ولا قوله: «فإنَّه أنزلَه أبًا». نعم في «المناقبِ» من طريق أيُّوب عن عبدِ الله بن أبي مليكةَ، قال: كتبَ أهل الكوفةِ إلى ابن الزُّبير في الجدِّ، فقال: أمَّا الَّذي قال رسول الله ﷺ: «لو كنتُ متَّخذًا من هذِهِ الأمَّةِ خليلًا لاتَّخذتُهُ» أنزله أبًا (١) يعني: أبا بكرٍ.