أيضًا عن أبي اليمان:«أتحنَّت» بالمُثنَّاة، لكن قال القاضي عياضٌ: بالمُثلَّثة أصحُّ روايةً ومعنًى، أي: أتعبَّد (بِهَا فِي الجَاهِلِيَّةِ) قبل الإسلام (مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ) بالألف قبل الواو، وكان أعتق مئة رقبةٍ في الجاهليَّة، وحمل على مئة بعيرٍ (وَصِلَةِ رَحِمٍ) بغير ألفٍ قبل الواو (فَهَلْ) لي (فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَسْلَمْتَ عَلَى) قبول (مَا سَلَفَ) لك (مِنْ خَيْرٍ) ويؤيِّد ظاهر هذا الحديث ما رواه الدَّارقطنيُّ في «غرائب مالكٍ» من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ (١) مرفوعًا: «إذا أسلم الكافر فحَسُنَ إسلامه كتب الله له كلَّ حسنةٍ كان زلفها، ومحا عنه كلَّ سيِّئةٍ كان زلفها، وكان عمله بعد ذلك الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف، والسَّيِّئة بمثلها إلَّا أن يتجاوز الله عنها»، لكن هذا لا يتخرَّج على القواعد الأصوليَّة؛ لأنَّ الكافر لا يصحُّ منه في حال كفره عبادةٌ؛ لأنَّ شرطها النِّيَّة وهي متعذِّرةٌ منه، وإنَّما يُكتَب له ذلك الخير بعد إسلامه تفضُّلًا من الله مستأنفًا، أو المعنى: أنَّك ببركة فعل الخير هُدِيت إلى الإسلام؛ لأنَّ المبادئ عنوان الغايات، أو إنَّك بفعلك ذلك اكتسبت طباعًا جميلةً، فانتفعت بتلك الطِّباع في الإسلام، وقد مهَّدت لك تلك العادة معونةً على فعل الخير.
وفي هذا الحديث التَّحديث والعنعنة، ورواية تابعيٍّ عن تابعيٍّ عن صحابيٍّ، وأخرجه أيضًا في «البيوع»[خ¦٢٢٢٠] و «الأدب»[خ¦٥٩٩٢] و «العتق»[خ¦٢٥٣٨]، وأخرجه مسلمٌ في «الإيمان».
(٢٥)(بابُ أَجْرِ الخَادِمِ) هو شاملٌ للمملوك والزَّوجة وغيرهما (إِذَا تَصَدَّقَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ) حال كونه (غَيْرَ مُفْسِدٍ) في صدقته.