للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وثلاثين غير الشَّفع والوتر، قال: ومضى الأمر على ذلك. انتهى. وفي «مُصنَّف ابن أبي شيبة» عن داود بن قيسٍ قال: أدركت النَّاس بالمدينة في زمن عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان يصلُّون ستًّا وثلاثين ركعةً ويوترون بثلاثٍ، وإنَّما فعل أهل المدينة هذا لأنَّهم أرادوا مساواة أهل مكَّة، فإنَّهم كانوا يطوفون سبعًا بين كلِّ ترويحتين، فجعل أهل المدينة مكان كلِّ سبعٍ أربعَ ركعاتٍ، وقد حكى الوليُّ بن العراقيِّ: أنَّ والده الحافظ لمَّا ولي إمامة مسجد المدينة أحيا سنَّتهم القديمة في ذلك مع مراعاة ما عليه الأكثر، فكان يصلِّي التَّراويح أوَّل اللَّيل بعشرين ركعةً على المعتاد، ثمَّ يقوم آخر اللَّيل في المسجد بستَّ عشرة ركعةً، فيختم في الجماعة في شهر رمضان ختمتين، واستمرَّ على ذلك عمل أهل المدينة، فَهُمْ عليه إلى الآن، فنسأل الله الكريم المنَّان أن يبلِّغنا صلاتها كذلك في ذاك المكان، في عافيةٍ وأمان، أستودعُه تعالى ذلك ونعمةَ الإسلام، وقد قال النَّوويُّ: قال الشَّافعيُّ والأصحاب: ولا يجوز ذلك، أي: صلاتها ستًّا وثلاثين ركعةً لغير أهل المدينة لأنَّ لأهلها شرفًا بهجرته ، وهذا يخالفه قول الشَّافعيِّ المرويِّ عنه في «المعرفة» للبيهقيِّ: وليس في شيءٍ من هذا ضيقٌ ولا حدٌّ ينتهى إليه لأنَّه نافلةٌ، فإن أطالوا القيام وأقلُّوا السُّجود فحسنٌ، وهو (١) أحبُّ إليَّ، وإن أكثروا الرُّكوع والسُّجود فحسنٌ، وقول الحليميِّ: ومن اقتدى بأهل المدينة فقام (٢) بستٍّ وثلاثين فحسنٌ أيضًا؛ لأنَّهم إنَّما أرادوا بما صنعوا الاقتداء بأهل مكَّة في الاستكثار من الفضل، لا المنافسة كما ظنَّ بعضهم، قال: والاقتصار على عشرين مع القراءة فيها بما يقرؤه غيره في ستٍّ وثلاثين ركعةً (٣) أفضل لفضل طول القيام على كثرة الرُّكوع والسُّجود، وعن الشَّافعيِّ أيضًا -فيما رواه عنه الزَّعفرانيُّ-: رأيت النَّاس يقومون بالمدينة بتسعٍ وثلاثين، وبمكَّة بثلاثٍ وعشرين، وليس في شيءٍ من ذلك ضيقٌ. انتهى. وقال الحنابلة: التَّراويح عشرون، ولا بأس بالزِّيادة نصًّا، أي: عن الإمام أحمد.


(١) في (ب) و (س): «وهذا».
(٢) في (ب): «فقال».
(٣) «ركعةً»: ليس في (ص) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>