للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْضٍ، وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ) بالتَّكرار ثلاثًا؛ للتَّأكيد مع فتح القاف وسكون الطَّاء مخفَّفةً فيها، أي: حسبي.

وهذا الحديث قد سبق في «تفسير سورة ق» [خ¦٤٨٥٠] بخلاف هذه الرِّواية التي هنا، فإنَّه قال هناك: «وأمَّا النَّار فتمتلئ ولا يظلم الله من خلقه أحدًا، وأمَّا الجنَّة فإنَّ الله ينشئ لها خلقًا» وكذا في «صحيح مسلمٍ»: «وأمَّا الجنَّة فإنَّ الله تعالى ينشئ لها خلقًا» فقال جماعةٌ: إنَّ الذي ورد هنا من المقلوب، وجزم ابن القيِّم بأنَّه غلطٌ محتجًّا بأنَّ الله تعالى أخبر بأنَّ جهنَّم تمتلئ من إبليس وأتباعه، وكذا أنكرها البلقينيُّ واحتجَّ بقوله: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩] وقال أبو الحسن القابسيُّ: المعروف أنَّ الله ينشئ للجنَّة خلقًا، قال: ولا أعلم في شيء من الأحاديث أنَّه (١) ينشئ للنَّار خلقًا إلَّا هذا. انتهى. واحتجَّ بأنَّ تعذيب الله غير العاصي لا يليق بكرمه، بخلاف الإنعام على غير المطيع، وقال البلقينيُّ: حمله على أحجارٍ تُلقَى في النَّار أقرب من حمله على ذي روحٍ يُعذَّب بغير ذنبٍ، قال في «الفتح»: ويمكن التزام أن يكونوا من ذوي الأرواح، لكن لا يُعذَّبون كما في الخزنة، ويحتمل أن يُراد بالإنشاء: ابتداء إدخال الكفَّار النَّار، وعبَّر عن ابتداء الإدخال (٢) بالإنشاء، فهو إنشاء الإدخال، لا الإنشاء الذي بمعنى ابتداء الخلق بدليل قوله: «فيُلقَون فيها ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ [ق: ٣٠]» وقال في «الكواكب»: لا محذور في تعذيب الله من لا ذنب له؛ إذ القاعدة القائلة بالحسن والقبح العقليين باطلةٌ، فلو عذَّبه لكان عدلًا، والإنشاء للجنَّة لا ينافي الإنشاء للنَّار، والله يفعل ما يشاء، فلا حاجة إلى الحمل على الوهم، والله أعلم.


(١) في (د): «أنَّ الله تعالى».
(٢) في (د): «إدخال الكفَّار النَّار».

<<  <  ج: ص:  >  >>