للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرُّخصة، هذا وجه مطابقة ذلك لقصَّة أبي (١) قيسٍ، ثمَّ لمَّا كان حِلُّهما (٢) بطريق المفهوم نزل بعد ذلك قوله تعالى: ﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ﴾ ليُعلَم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم تصريحًا (٣)، أو المرادُ نزولُ الآية بتمامها، قال في «فتح الباري»: وهذا هو المعتمد، وبه جزم السُّهيليُّ، وقال: إنَّ الآية نزلت في الأمرين معًا، فقدَّم ما يتعلَّق بعمر لفضله. انتهى. ووقع في رواية أبي داود: فنزلت: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ﴾ (٤) إلى قوله: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ فهذا يبيِّن أنَّ محلَّ قوله: «ففرحوا بها» بعد قوله: ﴿الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾ وقد وقع ذلك صريحًا في رواية زكريَّا بن أبي زائدة، ولفظه: فنزلت: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ ففرح المسلمون بذلك.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في «الصَّوم»، والتِّرمذيُّ في «التَّفسير».

(١٦) (بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى) مخاطبًا للمسلمين: (﴿وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ﴾) بعد أن كنتم ممنوعين منهما بعد النَّوم في رمضان (﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾) بيانٌ للخيط الأبيض (﴿ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧]) فإنَّه آخر وقته، و «حتَّى»: للغاية، واستُشكِل بأنَّه يلزم منه أن يُؤكَل جزءٌ من النَّهار، وأُجيب بأنَّ الغاية غايتان: غاية مدٍّ-وهي التي لو لم تُذكَر لم يدخل ما بعدها حال ذكرها في حكم ما قبلها- وغاية إسقاطٍ-وهي التي لو لم تُذكَر؛ لكان ما بعدها داخلًا في حكم ما قبلها- فالأوَّل: ﴿أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ﴾ والثَّاني: ﴿إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦] أي: واتركوا ما بعد المرافق، ويأتي مثل هذا في قوله [خ¦٦٢٢]: «حتَّى يؤذِّن ابن أمِّ مكتومٍ» (٥)، ولفظ رواية ابن عساكر: «وكلوا واشربوا» إلى قوله: «﴿ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ﴾» (فِيهِ) أي: في الباب حديثٌ رواه


(١) «أبي»: ليس في (د).
(٢) في (م): «حكمهما»، وهو تحريفٌ.
(٣) في (د): «صريحًا».
(٤) «الرَّفث»: ليس في (د).
(٥) قوله: «وحتَّى: للغاية، واستُشكِل … في قوله : حتَّى يؤذِّن ابن أمِّ مكتومٍ» سقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>