للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١) (قَوْلُهُ: ﴿إِذَا﴾) ولأبي ذرٍّ: «بسم الله الرحمن الرحيم» هذا (١) «باب» أي: في قولهِ تعالى: ﴿إِذَا﴾ (﴿جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ﴾) جواب الشَّرط (﴿قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ﴾ إِلَى: ﴿لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: ١]) وسقط «إلى ﴿لَكَاذِبُونَ﴾» لأبي ذرٍّ، وقال بعد قوله: ﴿لَرَسُولُهُ وَاللهُ﴾ «الآية». وقيل: الجوابُ محذوفٌ، ﴿وَقَالُوا﴾ (٢): حال، أي: إذا جاؤوك قائلينَ كيْتَ وكيْتَ؛ فلا تقبل منهم، وقوله: ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ جملة معترضَة بين قوله: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ﴾ وقوله: ﴿وَاللهُ يَشْهَدُ﴾ لفائدةٍ أبداها الزَّمخشريُّ في «كشَّافه»؛ وهي أنَّه لو قال: قالوا: نشهد إنَّك لرسول الله، والله يشهدُ إنَّهم لكاذبون؛ لكان يوهم أنَّ قولهم هذا كذبٌ، فوسَّط بينهما قوله: ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ﴾ ليميطَ هذا الإيهامَ، قال الطِّيبي: وهذا نوعٌ من التَّتميم لطيفُ المسلَك. وقال في «المصابيح»: واستدلَّ بقوله تعالى: ﴿وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: ١] على أنَّ الكذبَ هو عدمُ مطابقةِ الخبر لاعتقادِ المُخبر، ولو كان خطأً، فإنَّه تعالى جعلَهم كاذبينَ في قولهِم: ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ﴾ لعدم مطابقتهِ لاعتقادِهم، وإن كان مطابقًا للواقعِ. وردَّ هذا الاستدلال بأنَّ المعنى: لكاذبونَ في الشَّهادة وفي ادِّعائهم المواطأة، فالتَّكذيب راجعٌ إلى الشَّهادة باعتبارِ تضمُّنها خبرًا كاذبًا غير مطابقٍ للواقعِ، وهو أنَّ هذه الشَّهادة من صميمِ القلبِ وخُلوص الاعتقاد بشهادةِ إنَّ والجملة الاسميَّة، وبأنَّ المعنى: إنَّهم لكاذبون في تسميةِ هذا الخبرِ شهادة؛ لأنَّ الشَّهادة ما تكون على وفقِ الاعتقادِ. والمعنَى: إنَّهم لكاذبون في قولهِم: ﴿إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ﴾ لكن لا في الواقعِ بل في زعمِهم الفاسدِ واعتقادِهم الباطل؛ لأنَّهم يعتقدون أنَّه غيرُ مطابقٍ للواقع، فيكون كذِبًا باعتبارِ اعتقادهم، وإن كان صِدقًا في نفسِ الأمر، فكأنَّه قيل: إنَّهم يزعمون إنَّهم لكاذبونَ في هذا الخبرِ الصَّادق، وحينئذٍ لا يكون الكذبُ إلَّا بمعنَى عدمِ المطابقة للواقعِ. انتهى.


(١) «هذا»: ليست في (س).
(٢) في كل الأصول: «وقيل»، والمثبت هو الصواب من الدر المصون وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>