للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان قليل الأكل جدًّا، كثير الإحسان إلى الطَّلبة، مُفرِطًا في الكرم.

وحُمِلَ إليه بضاعةٌ أنفذها إليه أبو حفصٍ، فاجتمع بعض التُّجَّار إليه بالعشيَّة، وطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهمٍ، فقال لهم: انصرفوا اللَّيلة، فجاءه من الغد تجَّار آخرون يطلبونها بربح عشرة آلاف درهمٍ، فردَّهم، وقال: إنِّي نويت البارحة بيعَها للَّذين أتَوا البارحة ولا أحبُّ أن أغيِّر نيَّتي.

وجاءته جاريته فعثرت على محبرةٍ بين يديه، فقال لها: كيف تمشين؟! فقالت: إذا لم تكن طريقٌ فكيف أمشي؟ فقال: اذهبي، فأنت حرَّةٌ لوجه الله تعالى، فقِيلَ له: يا أبا عبد الله، أغضبتك وأعتقتها؟! قال: أرضيتُ نفسي بما فعلتُ.

وقال ورَّاقه: إنَّه كان يبني رباطًا ممَّا يلي بخارى، فاجتمع بشرٌ كثيرٌ يعينونه على ذلك، وكان ينقل اللَّبِن، فكنت أقول له: إنَّك تُكفَى ذلك، فيقول: هذا الذي ينفعني، وكان ذبح لهم بقرةً، فلمَّا أدركت القدور دعا النَّاس إلى الطَّعام، وكان بها مئة نفسٍ أو أكثر، ولم يكن علم أنَّه اجتمع ما اجتمع، وكنَّا أخرجنا خبزًا بثلاثة دراهم أو أقلَّ، فأكل جميع من حضر، وفضلت أرغفةٌ.

ولمَّا قدم نيسابور تلقَّاه أهلها من مرحلتين أو ثلاثٍ، وكان محمَّد بن يحيى الذُّهليُّ في مجلسه، فقال: من أراد أن يستقبل محمَّد بن إسماعيل غدًا فليستقبله فإنِّي أستقبله (١)، فاستقبله الذُّهليُّ وعامَّة علماء نيسابور، فدخلها، فقال الذُّهليُّ لأصحابه: لا تسألوه عن شيءٍ من الكلام، فإنَّه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه فقد وقع بيننا وبينه، وشمت بنا كلُّ ناصبيٍّ


(١) «فإنِّي أستقبله»: سقط من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>