للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ورفع الحجاب عنه، وأبرزه في صورة المشاهد المحسوس؛ ليساعد فيه الوهمُ العقلَ ويصالحه عليه، فإنَّ المعنى الصِّرف إنَّما يدركه العقل مع منازعة من الوهم؛ لأنَّ من طبعه ميل الحسِّ وحبُّ المحاكاة؛ ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهيَّة، وفشت في عبارات البلغاء وإشارات الحكماء، قاله البيضاويُّ (﴿فَصُرْهُنَّ﴾) بضمِّ الصَّاد: (قَطِّعْهُنَّ) كذا في الفرع كأصله وسقط ذلك لأبي ذرٍّ.

(٤٨) (﴿لَا يَسْأَلُونَ﴾) ولأبي ذرٍّ: «بابٌ» بالتَّنوين (١) «﴿لَا يَسْأَلُونَ﴾» (﴿النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ [البقرة: ٢٧٣]) نُصِب على المصدر (٢) بفعلٍ مقدَّرٍ، أي: يُلحِفون إلحافًا، والجملة المقدَّرة حالٌ من فاعل ﴿يَسْأَلُونَ﴾ أو مفعولًا من أجله، أي: لا يسألون لأجل الإلحاف (٣)، أو مصدرًا في موضع الحال، أي: لا يسألون مُلحِفين (يُقَالُ (٤): أَلْحَفَ عَلَيَّ وَأَلَحَّ عَلَيَّ) سقطت «عليَّ» هذه الأخيرة لأبي ذرٍّ (وَأَحْفَانِي بِالمَسْأَلَةِ) أي: بالغ فيها، كلٌّ بمعنًى واحدٍ، والعرب إذا نفت الحكم عن محكومٍ عليه؛ فالأكثر في لسانهم نفي ذلك القيد (٥)، فإذا قلت: ما رأيت رجلًا صالحًا؛ فالأكثرُ على أنَّك رأيت رجلًا لكن ليس بصالحٍ، ويجوز أنَّك لم ترَ رجلًا أصلًا؛ فقوله: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ مفهومه: أنَّهم يسألون لكن لا بإلحافٍ، ويجوز أن يراد أنَّهم لا يسألون ولا يُلحِفون؛ فهو كقوله: فلانٌ لا يُرجَى خيره، أي: لا خير عنده ألبتَّة فيُرجَى.

(﴿فَيُحْفِكُمْ﴾) ﴿تَبْخَلُوا﴾ [محمد: ٣٧] أي: (يُجْهِدْكُمْ) في السُّؤال بالإلحاح.


(١) «بالتَّنوين»: ليس في (د).
(٢) في (د): «المصدريَّة».
(٣) في (د): «للإحلاف»، وسقط منها: «لأجل».
(٤) «يقال»: سقط من (د).
(٥) في (م): «المقيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>