للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَكَانَ سَعْدٌ) هو ابن أبي وقَّاص (يُسَمِّيهِمُ الفَاسِقِينَ) والصواب: الخاسرين، ووقع على الصواب كذلك عند الحاكم لقوله: (﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ﴾ [الكهف: ١٠٣]) ووجه خُسرانهم: أنَّهم تعبَّدوا على غير أصلٍ، فابتدعوا فخسروا الأعمار والأعمال، وعن عليٍّ: «إنَّهم كفرة (١) أهل الكتاب، كان أوائلهم على حقٍّ، فأشركوا بربهم وابتدعوا في دينهم» وقيل: هم الصابئون، وقيل: المنافقون بأعمالهم المخالفون باعتقادهم، وهذه الأقوالُ كلُّها تقتضي التخصيص بغير مخصَّصٍ، والذي يقتضيه التحقيق أنَّها عامَّة، فأمَّا قول عليٍّ: إنَّهم الحرورية؛ فمعناه: أنَّ الآية تشملُهم كما تشمل أهل الكتابين وغيرهم، لا أنَّها نزلت في هؤلاء على الخصوص، بل أعمُّ من ذلك؛ لأنَّها مكِّيَّة قبل خطاب أهل (٢) الكتاب ووجود الحروريَّة، وإنَّما هي عامَّةٌ في كلِّ مَن دان بدينٍ غير الإسلام، وكلِّ مَن راءى بعمله أو أقام على بدعة، فكلٌّ مِنَ الأخسرين، وقد قال ابن عطيَّة: ويُضعِّفُ قولَ مَن قال: إنَّ المراد أهل الأهواء والحرورية قولُه تعالى بعدَ ذلك: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ﴾ [الكهف: ١٠٥] وليس في هذه الطوائف مَن يكفر بآيات الله، وإنَّما هذه صفة مشركي عبدةِ الأوثان. انتهى.

فاتَّضح بهذا ما قلناه: إنَّ الآية عامَّةٌ.

(٦) هذا (بابٌ) بالتَّنوين في (٣) قوله تعالى: (﴿أُولَئِكَ﴾) إشارةٌ للأخسرين أعمالًا السابق ذكرهم (﴿الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾) بالقرآن، أو به وبالإنجيل، أو بمعجزات الرسول صلوات الله وسلامه عليه (﴿وَلِقَائِهِ﴾) بالبعث، أو بالنظر إلى وجه الله الكريم، أو لقاء جزائه، ففيه حذفٌ، وقد كذب اليهود بالقرآن والإنجيل، والنصارى بالقرآن، وقريش بلقاء الله والبعث (﴿فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾ [الكهف: ١٠٥]) بَطَلَتْ بكُفرهم وتكذيبهم، فلا ثواب لهم عليها (الآيَةَ) أي: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: ١٠٥] وهذا هو المراد لِمَا سيورده من الحديث.


(١) في (د): «كفار».
(٢) قوله: «الكتابين وغيرهم، لا أنَّها نزلت في هؤلاء على الخصوص، بل أعمُّ من ذلك؛ لأنَّها مكِّيَّة قبل خطاب أهل»، سقط من (ص).
(٣) «في»: ليست في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>