للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عملُه الجنَّة، ولا يجيرهُ من النَّار، ولا أنا إلَّا برحمةٍ من اللهِ» (فَسَدِّدُوا) بالسين المهملة، أي: اقصدوا السَّداد، أي: الصَّواب (وَقَارِبُوا) أي: لا تفرطُوا فتجهدوا أنفسكُم في العبادةِ؛ لئلَّا يُفضي بكم ذلكَ إلى الملالةِ فتتركوا العملَ فتفرطوا، وفي رواية بُسْرِ بن سعيدٍ، عن أبي هريرة -عند مسلمٍ-: «ولكن سدِّدوا»، معنى الاستدراك أنَّه قد يُفهم من نفي المذكور نفيُ فائدة العملِ، فكأنَّه قيل: بل له فائدةٌ وهي أنَّ العملَ علامةٌ على وجود الرَّحمة الَّتي تدخلُ العاملَ، فاعملوا واقصدوا بعملكم الصَّواب، أي: اتِّباع السُّنَّة من الإخلاصِ وغيره؛ ليقبل عملكُم فينزِّل عليكم الرَّحمة، وللحَمُّويي والمُستملي: «وقرِّبوا» بتشديد الراء من غير ألف (وَلَا يَتَمَنَّيَنَّ) بتحتية بعد النون آخره نون توكيد لفظ نفي بمعنى النَّهي، وللكُشمِيهنيِّ: «ولا يتمنَّ» بحذف التحتية والنون بلفظ النَّهي (أَحَدُكُمُ المَوْتَ) زاد في رواية همَّام، عن أبي هُريرة «ولَا يدعُ بهِ من قبل أن يأتيه» وهو قيدٌ في الصُّورتين، ومفهومه: أنَّه إذا دخلَ به لا يمنع من تمنِّيه رضًا بقضاءِ الله ولَا من طلبهِ لذلك (١) (إِمَّا) أن يكون (مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا، وَإِمَّا) أن يكون (مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ) أي: يطلب العُتبى وهو الإرضَاء، أي: يطلب رضَا الله بالتَّوبةِ، وردِّ المظالمِ، وتداركِ الفائت، و «لعلَّ» في الموضعين للرَّجاءِ المجرَّدِ من التَّعليل، وأكثرُ مجيئها في الرَّجاء إذا كان معه تعليلٌ نحو: ﴿وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [البقرة: ١٨٩].

وهذا الحديثُ أخرجه مسلم إلى قولهِ: «فسدِّدوا» بطرقٍ مختلفةٍ، ومقصودُ البخاريِّ منه هنا قوله: «ولَا يتمنَّينَّ … » إلى آخره، وما قبله ذكرهُ استطرادًا لا قصدًا.

٥٦٧٤ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هو: عبدُ الله بن محمَّد بن أبي شيبةَ الحافظُ أبو بكرٍ العبسيُّ (٢)، مولاهُم الكوفيُّ، صاحبُ التَّصانيف، قال: (حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ) حمَّاد بن أسامة (عَنْ هِشَامٍ) هو ابنُ عروة (عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) بفتح العين الموحدة المشددة (بْنِ الزُّبَيْرِ) بن


(١) في (ص): «كذلك»، في فتح الباري: «ولا عن طلبه من الله لذلك».
(٢) في (ج): «العيشي».

<<  <  ج: ص:  >  >>