للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجنَّة». ولأبي داود بسندٍ صحيحٍ عن أبي هريرة «فإن مرَّت به ثلاث فلقيهُ فليسلِّم (١) عليه، فإن ردَّ فقد اشتركا في الأجرِ، وإن لم يرُدَّ فقد باءَ بالإثمِ، وخرج المسلِّمُ من الهجرة». وقال في «المصابيح»: حاول بعض النَّاس أن يجعلَ هذا دليلًا على فرعٍ ذكروا أنَّه مُستثنى من القاعدةِ المشهورة، وهي أنَّ الفرضَ أفضلُ من النَّفل، وهذا الفرعُ المستثنى هو الابتداء بالسَّلام فإنَّه سنَّة والردُّ واجبٌ. قال بعض النَّاس: والابتداءُ أفضل لقولهِ : «وخيرُهما الَّذي يبدأُ بالسَّلام». واعلم أنَّه ليس في الحديث أنَّ الابتداءَ خيرٌ من الجواب، وإنَّما فيه أنَّ المبتدئ خيرٌ من المجيب، وهذا لأنَّ المبتدئ فعل حسنةً وتسبَّب إلى فعل حسنةٍ، وهي الجواب مع ما دلَّ عليه الابتداءُ من حُسِن طويَّة المبتدئ، وترك ما يكرهه الشَّارع من الهجرِ والجفاءِ، فإنَّ الحديث وردَ في المسلِمَين «يلتقيانِ فيُعرض هذا ويعرضُ هذا»، وكان المبتدئُ خيرًا من حيث إنَّه مبتدئٌ بتركِ ما كرههِ الشَّارع من التَّقاطع لا من حيث إنَّه يسلِّم. انتهى.

وقال الأكثرون: تزولُ الهجرة بمجرَّد السَّلام وردِّه، وقال الإمام أحمدُ: لا يبرأُ من الهجرة إلَّا بعودهِ إلى الحال الَّتي كان عليها أوَّلًا.

(٦٣) (بابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الهِجْرَانِ لِمَنْ عَصَى) (٢) لينتهيَ عن عصيانهِ (وَقَالَ كَعْبٌ) هو: ابنُ مالك الأنصاريُّ، كما سبق موصولًا في حديثه الطَّويل في أواخر «المغازي» [خ¦٤٤١٨] (حِينَ تَخَلَّفَ) في غزوة تبوك (عَنِ النَّبِيِّ وَنَهَى النَّبِيُّ المُسْلِمِينَ عَنْ كَلَامِنَا) زاد في «غزوة تبوك» [خ¦٤٤١٨]: أيُّها الثَّلاثة من بين مَن تخلَّف عنه، فاجتنبَنَا النَّاسُ … الحديث، وسمَّى الاثنين فيه، وهما: مرارةُ بن الرَّبيع وهلالُ بن أميَّة (وَذَكَرَ) أنَّ زمان هجرةِ المسلمين عنهم كان (٣) (خَمْسِينَ لَيْلَةً) قال الطَّبريُّ: وهذه القصَّةُ أصلٌ في هجرانِ أهل المعاصي، أي: نحو الفاسق والمبتدع، وإنَّما لم يهجرِ الكافرَ مع كونهِ أشدَّ جرمًا؛ لأنَّ الهجرة تكون بالقلبِ واللِّسان، فالكافرُ بالقلبِ


(١) في (ع) و (ص): «فسلم».
(٢) في (ص) و (د) زيادة: «فيه».
(٣) في (د): «كانت».

<<  <  ج: ص:  >  >>