((٣٣)) (بسم الله الرحمن الرحيم. أَبْوابُ الاِعْتِكَافِ) سقط لغير المُستملي «أبواب الاعتكاف»، وثبت له تأخير البسملة، ولابن عساكر:«كتاب الاعتكاف» بدل «أبواب الاعتكاف».
(١)(بابُ الاعْتِكَافِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ) أي: من رمضان، وهو لغةً: اللُّبث والحبس والملازمة على الشَّيء، خيرًا كان أو شرًّا، قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] وقال ﷾: ﴿فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ﴾ [الأعراف: ١٣٨] وشرعًا: اللُّبث في المسجد من شخصٍ مخصوصٍ بنيَّته (والاعْتِكَافِ) بالجرِّ عطفًا على سابقه (فِي المَسَاجِدِ كُلِّهَا) قيَّده بالمساجد؛ إذ لا يصحُّ في غيرها، وجَمَعَ المساجد وأكَّدها بلفظ «كلِّها» ليعمَّ جميعها خلافًا لمن خصَّه بالمساجد الثَّلاثة، ومن خصَّه بمسجدٍ بُنِي، ومن خصَّه بمسجدٍ تُقام فيه الجمعة، وهذا الأخير قول مالكٍ في «المُدوَّنة»، وهو مذهب الحنابلة، وقال في «الإنصاف»: لا يخلو المعتكف إمَّا أن يأتي عليه في مدَّة اعتكافه فعل صلاةٍ وهو ممَّن تلزمه الصَّلاة أوَّلًا؛ فإن لم يأت عليه في مدَّة اعتكافه فعل صلاةٍ فهذا يصحُّ اعتكافه في كلِّ مسجدٍ، وإن أتى عليه في مدَّة اعتكافه فعل صلاةٍ لم يصحَّ إلَّا في مسجدٍ تُصلَّى فيه الجماعة على الصَّحيح من المذهب، وعن أبي حنيفة: لا يجوز إلَّا في مسجدٍ تُصلَّى فيه الصَّلوات الخمس لأنَّ الاعتكاف عبارةٌ عن انتظار الصَّلاة، فلا بدَّ من اختصاصه بمسجدٍ تُصلَّى فيه الصَّلوات الخمس، والأوَّل هو قول الشَّافعيِّ في الجديد ومالكٍ في «المُوطَّأ»، وهو المشهور من مذهبه، وبه قال محمَّدٌ وأبو يوسف صاحبا أبي حنيفة (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]) معتكفون فيها، والمراد بالمباشرة: الوطء؛ لِمَا تقدَّم