للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بربوبيَّة الجماد (١) كفرٌ بالإجماع، وهو لا يجوز على الأنبياء بالإجماع (٢)، أو قاله بعد بلوغه على سبيل الوضع، فإنَّ المستدلَّ على فساد قولٍ يحكيه على ما يقول الخصم، ثمَّ يكرُّ عليه بالإفساد، كما يقول الواحد منَّا إذا ناظر من يقول بقدم الجسم، فيقول: الجسم قديمٌ، فإن كان كذلك فلِمَ نشاهده مُركَّبًا متغيِّرًا؟! فقوله: «الجسم قديمٌ» إعادةٌ لكلام الخصم حتَّى يلزم المحال عليه، فكذا هنا قال: ﴿هَذَا رَبِّي﴾ حكايةً لقول الخصم، ثمَّ ذكر عقبه ما يدلُّ على فساده، وهو قوله: ﴿لا أُحِبُّ الآفِلِينَ﴾ [الأنعام: ٧٦] ويؤيِّد هذا أنَّه تعالى مدحه في آخر (٣) الآية على هذه المناظرة بقوله: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ [الأنعام: ٨٣] ولذا لم تعدَّ هذه مع تلك الثَّلاث المذكورة.

(قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) بالسَّند السَّابق يخاطب العرب: (تِلْكَ) يعني: هاجر (أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ) لكثرة ملازمتهم الفلوات الَّتي بها مواقع المطر لرعي دوابِّهم، وقال الخطَّابيُّ: وقيل: إنَّما أراد زمزم، أنبعها الله ﷿ لهاجر فعاشوا بها، فصاروا كأنَّهم أولادها. وذكر ابن حبَّان في «صحيحه»: أنَّ كلَّ من كان من ولد هاجر يُقال له: ولد ماء السَّماء، لأنَّ إسماعيل ولد هاجر، وقد رُبِّي بماء زمزم، وهي ماء السَّماء الَّذي أكرم الله به إسماعيل حين ولدته هاجر، فأولادها أولاد ماء السَّماء، وقيل: ماء السَّماء هو عامرٌ جدُّ الأوس والخزرج، سُمِّي بذلك لأنَّه كان إذا قحط النَّاس أقام لهم ماله مقام المطر.

وهذا الحديث قد سبق في «البيع» [خ¦٢٢١٧] وأخرجه في «النِّكاح» [خ¦٥٠٨٤] أيضًا، ومسلمٌ في «الفضائل».

٣٣٥٩ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى) بضمِّ العين مُصغَّرًا، ابن باذام العبسيُّ الكوفيُّ (أَوِ)


(١) زيد في (ب) و (س): «أيضًا».
(٢) زيد في (د): «انتهى».
(٣) زيد في غير (د) و (ص): «هذه».

<<  <  ج: ص:  >  >>