للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قصور فَهْمِ من فعل ذلك منهم، ومن ثمَّ قال الكِرمانيُّ: لا حاجة لتخطئة الرُّواة الثِّقات، بل حكم هذا حكم سائر المتشابهات، إمَّا التَّفويض وإمَّا التَّأويل. انتهى. من «الفتح». وقال في «المصابيح»: هذا ظاهرٌ؛ إذ ليس في هذا اللَّفظ ما يقتضي إطلاق الشَّخص على الله، وما هو إلَّا بمثابة قولك: لا رجلَ أشجعُ من الأسد، وهذا لا يدلُّ على إطلاق الرَّجل على الأسد بوجهٍ من الوجوه، فأيُّ داعٍ بعد ذلك إلى توهيم الرَّاوي في ذكر «الشَّخص» أنَّه تصحيفٌ من قوله: «لا شيءَ (١) أغير من الله» كما صنعه الخطَّابيُّ.

(٢١) (بابٌ) بالتَّنوين يُذكَر فيه قوله تعالى: (﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً﴾؟ [الأنعام: ١٩] وَسَمَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا) إثباتًا لوجوده، ونفيًا لعدمه، وتكذيبًا للزَّنادقة والدَّهريَّة (٢) في قول الله ﷿: (﴿قُلِ اللّهِ﴾) ولأبي ذرٍّ: «﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ﴾ فسمَّى الله تعالى نفسه شيئًا» قال في «المدارك»: ﴿أَيُّ شَيْءٍ﴾ مبتدأٌ، و ﴿أَكْبَرُ﴾ خبرُه، و ﴿شَهَادةً﴾ تمييزٌ، و «أيُّ» كلمةٌ يُراد بها بعضُ ما تضاف إليه، فإذا كانت استفهامًا كان جوابها (٣) مسمًّى باسم ما أُضِيفَت إليه، وقوله: ﴿قُلِ اللّهِ﴾ جوابٌ، أي: الله أكبر شهادةً، فـ ﴿اللّهِ﴾ مبتدأٌ، والخبرُ محذوفٌ، فيكون دليلًا على أنَّه يجوز إطلاق اسم «الشَّيء» على الله تعالى؛ وهذا لأنَّ الشَّيء اسمٌ للموجود ولا يُطلَق على المعدوم، والله تعالى موجودٌ فيكون شيئًا، ولذا تقول: الله تعالى شيءٌ لا كالأشياء (وَسَمَّى النَّبِيُّ القُرْآنَ شَيْئًا) في الحديث الذي بعده (وَهْوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ) تعالى، أي: من صفات (٤) ذاته (وَقَالَ: ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ﴾ [القصص: ٨٨]) فيه: أنَّ الاستثناء متَّصلٌ، فإنَّه يقتضي اندراج المستثنى في المستثنى منه، وهو الرَّاجح، فيدلُّ (٥) على أنَّ لفظ «شيءٍ» يطلَق عليه تعالى،


(١) في (ع): «شخص».
(٢) «والدهرية»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٣) في (ع): «جوابًا».
(٤) في (د): «صفة».
(٥) «فيدلُّ»: سقط من (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>